چكليت مُر..!
د.أمل الأسدي ||
(!)
اليوم السبت، منذ الصغر وأنا لا أحب يوم السبت، إذ لم يكن عطلة، وكان يوما مدرسيا طويلا، ست حصص تمشي كسلحفاة عرجاء!!
هذه المرة الأولی التي أنتظر فيها قدوم السبت!!
لكنّ الساعةَ تسير حافية الأميال، تتعثر بالدقائق!!
توسلتها أن تقهقه بوجهي، ولكن لاجدوی!!
سلطة الزمن هي المتحكمة!!
(!!)
جاء الصبح وتنفست المواعيد، يجب أن أسرع، تدثرت بصبري، وتحجّبت بلوعتي، وشددت عزمي بوجهه!!
الشوارع كانت مزدحمة، سنتأخر.. سنتأخر
قلتها مرارا لأخي!
لننزل في( ساحة عدن) ونمشي، وبالفعل نزلنا…الشوارع تتسابق معي ، خطواتها تزاحم خطوتي!!
العصافير والحمام والأشجار كلها تزاحمني!!
الوجوه كلها تزاحمني، نظراتها تركض متلهفة!!
هل لديها موعد هي الأخری؟
وصلتُ ، القباب الذهبية ركضت نحوي، ربما أنفاسي السريعة هي من ركضت نحوها!!
إنها الساعة الثامنة ، بقي علی موعدكِ ساعة!هكذا قال لي أخي.
(!!!)
لقد وصل، الشوارع كلها ترتعد!! الوجوه ترتعد، القلوب ترتعد!!
لم يتأخر ،كعادته يحترم مواقيت الحب!!
هكذا تكون المواعيد الصادقة!!
هكذا يكون صدق الموعد!!
ركضت نحو السيارة، أفج الجموع يمينا ويسارا
أريد أن أراه، أريد أن يراني، أريد أن يسمعني!
قلتُ له : أنا كلمة من كلماتك المعتقة بالوفاء!!
اسمعني… رد عليّ
(بوية …. بوية) لم يسمعني، فكل الأصوات وكل القلوب تصرخ(بوية)!!
ربما سمعني ورد عليّ ولم أسمعه!! فلم يتأخر يوما في ردٍّ أو في ضحكة أو في أبوة!!
(!!!!!)
هكذا كان السعي بين الأعلام التي تغطي النعوش!!
أقتربُ وأبتعد، يقترب مني ويبتعد!! إنها قيامة الحب.. قيامة الوفاء..قيامة الآه!!
رجعت مسرعة الی الرصيف، حيث (الچنابر)
أردت أن أشتري(چكليت) وأنثره علی نعشه، علّه يراني ويعلم أني مواظبة علی وجهه!!
انتبهت لنفسي، أنا لم أحمل حقيبتي معي، كيف سأدفع ثمن (الچكليت)؟
فررت أبحث عن أخي ولم أجده في هذا المهرجان البرزخي، فباب المراد اليوم تضج بالقرابين والنذور!!
فجأة انتبهت الی طفل يتبعني، يركض خلفي وينادي:[خالة …خالة…
اخذي هاي الفلوس، واشتري چيسين چكليت، وگولي لابو مهـ.دي هاي من حسوني، هو يحبك هواية!! ]
اختنق الطفل بعبرته، احتضنته ، رتلت معه ما تيسر من سورة الوجع!! كان قلبه العصفوري يرتجف!!
ركضنا ، ارتفعت الأيادي وارتفعت الحناجر وارتفع صوت القباب!
ومضی وبقي، وبقي ومضی!!
ــــــــــــ