الجمعة - 29 مارس 2024

الجندي والشرطي خدام للوطن ام للقائد؟!

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


عدنان جواد ||

انقطعت عن الكتابة فترة ليست قليلة بسبب عدم تقبل النقد البناء والطرح الموضوعي وعدم المجاملة، حفزني على الكتابة خطاب سماحة السيد حسن نصر الله الذي طرح الحقائق وذكر الاعداء بمسمياتهم من دون تردد، برغم من ان كلامه قد يكلف حزب الله ولبنان الكثير من التحديات والعقوبات ولكنه قال الحق و بدون تردد او مجاملة،
بمناسبة عيد الجيش العراقي فالجندي لازال هو ذلك الجندي، في زمن الملكية وفي زمن الحكومات الرئاسية العسكرية ، التي يتم الاستيلاء عليها عن طريق الانقلابات العسكرية بين الزملاء في المهنة، فلم نلاحظ الوطن الهدف الاسمى لجميع موظفي الدولة وفي مقدمتهم الجندي والشرطي، وانما هم اما بخدمة الرئيس الفلاني الذي صار هو الشعب والوطن والارض، وشعارهم( الله الوطن القائد) شعار كان يرفعه فدائيو صدام، فيتم الدفاع واالتضحية بالنفس وترك العيال من دون مأوى من اجل ذلك القائد الضرورة، ربما في زمن صدام وفي الثمانينات عندما كانت دول الخليج تدفع اموال الحرب على ايران، كان يمنح لعائلة الضحية دار او قطعة ارض او عجلة كتعويض عن ابنهم المقتول في الحرب، ومن يجيد التسلق والتملق كان ربما يبقى في الخطوط الخلفية من ارض المعركة، او في المدن يلاحق الهاربين من العسكرية، او يتابع المعارضين للنظام وقائده، مرة يكون عضو في الحزب او وكيل بالأمن ومسميات اخرى نسيناها، وعندما سقط ذلك القائد وسقطت معه كل اركان نظامه بجميع المسميات بقى الوطن في مكانه.
وعند احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية بحجة نشر الديمقراطية والقضاء على الدكتاتورية، فبعد سنة 2003 عادت نفس المعادلة مع الاسف برغم من ان اغلب من تصدى للمسؤولية العليا في البلد هم من كانوا من المظلومين والمشردين بسبب معارضتهم لذلك النظام، لكن الذي حدث انهم اصبحوا قادة وانهم فوق القانون، فتحت لهم امريكا الخزينة فباعوا ضمائرهم ودينهم وجميع قيمهم واخلاقهم، وصار كل همهم جمع الاموال والحصول على المناصب، وسياستهم مبنية على المجاملة، مجاملة بحجة ( الف صديق ولا عدو واحد)، مجاملة في كل شيء في توزيع الثروات والمناصب، ففي سبيل حصولهم على المنصب يبيعون حقوق محافظات محرومة ومظلومة، يجاملون على حساب الشهداء وضحايا الارهاب، فيعود الجندي والشرطي مجرد ادوات بيد هذا القائد او ذلك القائد فتعددت القيادات، فاغلب الجنود والرتب الصغيرة من محافظات الوسط والجنوب، واغلب من يضحي سابقاً وحاليا من سكان تلك المحافظات، يضحون بأنفسهم من اجل قادتهم المحبين لأنفسهم من اصحاب القصور والعقارات والمليارات بحشمهم وخدمهم، وتبقى عوائلهم تعاني الفقر والعوز في وطن من المفترض ان ابنائهم ضحوا من اجله، فيستحقون التكريم والعيش الرغيد والمضحين بطيب الذكر والتخليد كما هو في الدول المحترمة.
فالديمقراطية مجرد شعارات وحبر على ورق، فلم نرى منها غير القتل والدماء والكراهية، فوضى في كل شيء، قوانين لا تطبق فساد مالي واداري، الفاسد والمتملق محترم فيها، والعدو فيها صديق والصديق عدو، من تصدى لداعش والقاعدة وضحى بنفسه صار ذيل، ومن جامل على حساب وطنه وشعبه صار رجل وطني، ونعرف ان الديمقراطية عبارة عن انتخاب وليس اختيار، لكن الذي يحصل هو توزيع المناصب الكبيرة بين الكتل والاحزاب النافذة، فجميعهم قادة الاحزاب اقروا بتقصيرهم وان هناك فساد بل وان كل وزارات الدولة فاسدة، وان العملية السياسية فاشلة، ولكنهم يتقاتلون على المناصب والحصص التي تشمل الضباط في الجيش والشرطة، والمدراء العاميين والوكلاء والوزراء بل يشمل حتى الجنود والشرطة، لذلك بقت وزارة الصحة عاجزة عن علاج مرضاها فتسافر الناس للدول الاخرى من اجل العلاج، وتعليمها قاصراَ عن استيعاب طلابه فيذهب الطلاب للدراسة في الخارج، والاسكان والاعمار غير قادرة على توفير السكن فتسكن الناس العشوائيات، ويهاجر الاخرون للدول الاخرى فيموت من يموت غرقاً او برداً، والنقل متأخرة في قطارتها وسككها وطيرانها وعجلاتها، وعاد الجيش للأسلوب القديم عرق لتدريب يقلل دماء المعركة(الاستاعد والاستاريح وفتح النظام وظم النظام والعرضات المقدسة) التي جعلتنا اضحوكة للعالم عندما اصبحت اسلحتنا وطائرتنا وصواريخنا مجردة خردة من الحديد في ام المهالك، فالدول تبني جيوشها على حب الوطن وخدمته وليس خدمة القادة.
فهل تشكل حكومة تحقق طموحات الشعب بعد هذه السنوات الطوال من التقصير والقصور، ام ستستمر الترضية بين الاحزاب ويبقى الجمهور غير راضي على الحكومة القادمة كما كان في الحكومات السابقة، فيتم اختيار رئيس وزراء ضعيف ووزراء مطيعين ينهبون من اموال الدولة ليذهبوا بها لأحزابهم، فلابد من اختيار رئيس وزراء قوي وطني، ووزراء اكفاء ينهون الوضع الحالي، واعادة الامور الى نصابها، واحترام رجل القانون الاول الجندي والشرطي ومنحة ما يستحقه من سكن ملائم وعيش كريم له ولعائلته، والا فان القصور والمباني الضخمة لا تعصمهم من غضب الناس، ومن عودة البعث للسلطة والقضاء عليهم واحداً بعد الاخر.