الجمعة - 29 مارس 2024

المراهقة وتاثيرها لالغاء شخصية الآباء

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


غازي العدواني ||

كلنا كآباء ومربيّن لدينا ابناء تتشكل عندهم بذور الشخصية والنزعة نحو إستقلالية التفكير والقرار ومحاولة إثبات بعضهم
وجوده ضمن محيط الأسرة ثم ينطلق بعدها الى المجتمع ليمارس دوره كشخصية مستقلة بذاتها ولكن المفارقة المزعجة لبعض الآباء تظهر على الأبناء عندما يحاول بعضهم
فرض نفسه بشكل سلبي وغير محبب ولا ينم عن ذكاء وانما يتذاكى او يدّعي الفهم ليلغي دور الاب او الأم وكأنه قد نزل عليه سلطان الوعي والمعرفة بكل شيء خلال الثمانية عشرة او العشرين من عمره الفتي وليس هذا فقط بل يحاول البعض فرض مزاجه الفكري والنفسي المضطرب والقلق في توجهاته وإختياراته وطريقة أسلوبه الفج دون ان يعي انه يسيء الى الأبوين وبالرغم من ذلك على الابوين تحمل فترة المراهقة وما تتضمنه من احلام واوهام ورغبات وآمال ولو على حساب حتى كرامتهم أحيانا من باب الصفح والعاطفة اتجاه ابناءهم
فالآباء ليسوا ضعفاء شخصية او فكر او سلوك وانما الهدف هو إستيعاب مزاج ابناءهم الذي يتطلب مجاهدة النفس ومحاولة الارشاد والتوجيه والنصح الذي يعتبره البعض من الابناء تدخل او تقييد لحرياتهم ومنعهم من تحقيق مرادهم
متناسين دور الاب والام في كم بذلوا من جهد وعناية وحرص ليَروُ ابناءهم يكبرون امامهم يحدوهم الامل بتحصينهم وحمايتهم مما يخبيء لهم الزمن من منغصات او موانع بعدم تحقيق احلامهم..كما اننا كآباء يعاني اغلبنا من كثرة الطلبات والجدالات الفارغة التي يصر الابناء على وجوب تنفيذها لهم لاغين الظرف المادي ودخل الأب او الأم وتدبير أمور حياة الأسرة بما يتيسر من مورد ودخل ثابت…
إن الآباء يشعرون بالضغط الزائد عندما يقف عاجزا امام تحقيق طموح ولده او إبنته ويشعرونهم بالعجز لعدم إدراك الأبناء الظروف الموضوعية والواقع المعاش لانهم يريدون ان يعيشون احلامهم وتحويلها الى واقع ليطفرون عليه لاغين او متناسين وضع اسرهم وكم يدخلها من مصروف شهري قد يكفي او لا يكفي لضمان استمرارية الحياة اليومية وتأمين مفرداتها…
إن دور( المراهقة) فترة عصيبة وليست بالسهله التي يتعرض لها المراهق وقد نراها مختلفة عن ايام زمان عندما كنا نمر بدور المراهقة الفكرية والنفسية والعاطفية وحاجة الجسد للمتعة واللذة التي كنا نتجاوزها بخجل وحرمان كافر لم نظهرها حياءاً من اهلنا لانها من الممنوعات من البوح او التصريح بها كما ان اهلينا لم يشعروا بمرارة ما يعاني احدنا
من حرمان يفوق حجم وجودنا ورغم ذلك عبرنا دور المراهقة بسلام لحين تحقيق الاحلام آخذين في الاعتبار ظروف الاسرة المعيشية والعلاقات الاجتماعية وما تمليه علينا العادات والتقاليد والاعراف والقوانين الوضعية وحاجتنا الدائمة لاهلنا الذين نعيش في كنفهم والمرتبطين بهم بروابط أبدية..
إننا كآباء نقدر ونتفهم مقدار حاجة ابناءنا المراهقين وما يمرون به من تغييرات فكرية ونفسية وجسدية التي دائما ما تجد جدران من الصد ومن الممنوعات والمحاذير والعيب والحلال والحرام ونقد المجتمع وما يعيق تحقيق ما يطمحون إليه فيلجأوون إلى المناطق الرخوة وهما الأب والام لتفريغ بعض الضغوطات التي يتعرضون لها جراء دور المراهقة لتخرج منهم على شكل تمرد او بذاءة كلمة او خدش لكرامة
الآباء..وعلينا ان نتحمل ونعفو ونصفح ونغفر من اجل ابقاء الود والمحبة بين افراد الاسرة وكذلك المجتمع..
*ولكم نتمنى ان يكون دور المراهقة مرادفاً للوعي والاقتناع بمفردات الواقع وإرهاصاته وتقدير دور الاب والام وتضحياتهم الجسيمة من اجل سعادة ابناءهم وفلذات اكبادهم..ولكن للأسف ما زال بعضنا ينتظر ظلم وإجحاف الأبناء ونكرانهم
لفضل الأباء عليهم بل وصل الأمر ببعضهم للتنمر عليهم وازدراءهم والتقليل من شأنهم..
لذلك وجدت ان دور المراهقة في بعض الاحيان يكون مدمراً
لان الاحلام فيه اكبر من الواقع وقد يخلق حالات تمرد إذا
المراهق او المراهقة وجدا نفسيهما في أسرة فقيرة لا تمتلك ادنى مقومات الحياة..
*ولكن يبقى المحيط الاجتماعي والقانون المدني والشارع المقدس والضمير والاخلاق والخوف من الله
هم الناظم والحاكم الفعلي امام النفس الأمّارة بالسوء لضبط إيقاعها للعيش بسلام وإحترام وجود الآباء في حياة الفرد…
* وتحية إجلال لكل الآباء ومحبتنا الدائمة لابناءنا ذخيرة المستقبل.*