الخميس - 28 مارس 2024

ولاية الفقيه هي النظام السياسي الامثل في زمن الغيبة

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


الشيخ الدكتورعبدالرضا البهادلي ||

ملاحظة هذا المقال كتبته قبل أكثر من عشر سنوات …..

نظام ولاية الفقيه هو احد الانظمة السياسية التي ينفرد بها المذهب الشيعي في زمن الغيبة،والذي هو امتداد لولاية النبي صلى الله عليه واله والائمة الاطهار عليهم السلام في قيادة المجتمع الاسلامي ، ونحن نعتقد ان هذا النظام هو من افضل واورع انواع الانظمة السياسية في عصر الحداثة ، لانه بعبارة مختصرة يحافظ على الدين وجوهر القيم الاخلاقية والاحكام الشرعية ، ويسوق الناس الى عبادة الواحد الاحد ، وقد طبق هذا النظام الامام الخميني رضوان عليه في ايران الاسلام ، ولكن لماذا القول بولاية الفقيه وانها النظام الامثل في زمن الغيبة ؟.
نحن من خلال عدة مقدمات سوف نثبت ان ولاية الفقيه هي النظام الافضل والامثل لحياة الانسان الذي يريد الله تعالى ، وحاكيمة الدين في الحياة ، فاقول مستعينا بالله تعالى .
1- المقدمة الاولى : اقول لماذا خلق الله الانسان :يمكن القول ان عدة غايات لخلق الانسان ومنها ما يلي .العبادة ،قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}( ). والمعرفة ،كما في الحديث القدسي: “كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف” ( ). ، والابتلاء في الحياة والجزاء في الاخرة : الحياة الدنيا هي محطة ونبلوكم بالخير والشر فتنة ، ولذلك لا بد ان يختبر الانسان في هذه الحياة الدنيا ، والانسان خلق للبقاء كما في الحديث عن النبي (خلقتم للبقاء لا للفناء ) ( ). وعمارة الحياة : فالانسان خلق من اجل عمارة الحياة ، فلكي يعيش الانسان في ههذه الحياة لا بد له من اعمارها وبنائها على كل الاصعدة .
2- المقدمة الثانية ، بما ان هدف الله تعالى من خلق الانسان كما بيناه في المقدمة الاولى. لذلك وجب على الله تعالى من باب لطفه ، ان يبعث الانبياء والرسل الذين هم اكمل البشر علما وعملا ، لكي يحققوا هدفه في الارض ، باعتبار ان الانسان فيه نوازع الشر ، وبواعث الخير ، وكذلك هذا الانسان ومهما اوتي من علم وفكر لا يمكن له الوصول الى تحقيق اهداف الله تعالى بدون ان يبعث الله له الانبياء عليهم السلام ، وعدم بعثهم ينقض غرضه فوجب بعثهم .
قال تعالى : {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}( ).
3- المقدمة الثالثة : بعد رحيل الانبياء عليهم السلام ، لا شك ينتقل الدور الى الاوصياء عليهم السلام ، ولذلك كان لكل نبي وصيا يقوم مقامه بعده ،وقد اوصى النبي صلى الله عليه واله الامة بالائمة الاطهار عليهم السلام بعده على طول فترة اقامته مع الامة ومنها هذا الحديث : “اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ” ( ). ولكن الامة من سوء حظها انها لم تلتف حول اهل البيت عليهم السلام بعد غياب النبي صلى الله عليه واله الا بعد فترة بعيدة عن حياته في زمن علي عليه السلام والتي كانت فترة قاسية خرج فيها الكثير على علي عليه السلام .
4- المقدمة الرابعة : بعد غيبة الائمة الاطهار عليهم السلام عن الساحة كما نحن عليه الان ، وتعدد الرؤى السياسية في قيادة الحياة والمجتمع فهناك عدة خيارات لقيادة المجتمع .
(أ) الرؤيا الاولى : القبول بالنظام العلماني : ولا شك ان العلمانية هي فصل الدين عن السياسية كما يعرفوها،وهذا النظام لا شك لن يحقق هدف الله تعالى في سوق الناس الى طاعة الله تعالى وعبادته والعمل باحكامه ، بل ان هذا النظام السياسي سوف يسحق الدين واتباعه .
(ب) الشوعية والاشتراكيه : وهي مذاهب مادية ،ليس لها علاقة بالله ولا بعلاقة الانسان بالله تعالى بل هي بعيدة كل البعد عن الجانب الغيبي في الوجود والعالم وعلى هذا فهي ليست مؤهلة لقيادة الانسان وسعادته في الدنيا والاخرة .
(ج) الديمقراطية : وهي حكم الاغلبية ، او حكم الشعب ،وهذا النظام وان كان نظاما جميلا في ظاهره ،ولكن المشكلة في هذا النظام انه يحتاج في نجاحه وتطبيقه الى مجتمع من الاولياء والانبياء حتى يمكن ان يختاروا الصالحين في قيادة المجتمع ،فكيف اذا كانت الناس تختار على الاعتبار العشائري، او القومي، او الحزبي، او الطائفي ، او جاءت الاغلبية بالجهلة، والسفهاء ،او باصحاب المال الفاسدين ،وهلم جرا .ولذلك لا يمكن لي ان اؤومن بنظام الديمقراطية اطلاقا ، ولاجل ذلك لا يمكن لهذا النظام ان يحقق هدف الله في سوق الناس الى عبادة الله .
(دـ ) الاحزاب الاسلامية : وكذلك الاحزاب الاسلامية لا يمكن لها ان تحقق هدف الدين في الحياة ، وكما شاهدناها فهي متصارعة بينها ، بعضهم يسقط البعض الاخر فلا رؤية عندهم في بناء الانسان والمجتمع .الا اذا انصهرت في بودقة الولاية .
(هـ) ولاية الفقيه :وباعتقادي ان افضل نظام للحكم في زمن الغيبة هو نظام ولاية الفقيه المجتهد العادل العارف بامور زمانه والتي لا تلتبس عليه اللوابس فهنا يمكن تحقيق هدف الله في الارض ولو بالمقدار المعقول من تطبيق احكام الاسلام العظيم والتي فيها سعادة الدنيا والاخرة ، ومن خلال هذا النظام يمكن احياء مشروع الاسلام الحضاري ومواجهة الكفر العالمي والاستكبار ،وكذلك يمكن ان نعمل على ايجاد القاعدة الصالحة للامام صاحب العصر والزمان عليه السلام . وهذا هو الانتظار الايجابي وهو ما تقوم به الجمهورية الاسلامية في ايران .
ملاحظات .
1- هل يمكن تطبيق ولاية الفقيه في العراق : في الحقيقة هذا السؤال طالما يدور في اوساط بعض المتدينين ، وانا اقول لا اقول وجهة نظر التي احتفظ بها ،ولكن هو اختبار للمجتمع الشيعي العراقي وقادته وعلمائه فان كانوا يسعون الى ذلك وفي اذهانهم هذا المشروع فهم متدينون ، والا فهم ادعياء للتدين .
2- هل الولاية طولية ام عرضية : طبعا الولاية التي نقول بها طولية ، ولا بد للفقيه الذي يكون في العراق في طول ولاية الفقيه في ايران الاسلام حتى يتم تحقيق اهداف الاسلام ومشروعه الحضاري ، لان الولاية العرضية سوف يكون تهديم للدين بدل من احياء الدين لاسباب كثيرة ، ولو كان فيها الهة الا الله لفسدتا .
3- من الامور المهمة في الولي الفقيه هو ان لا يكون الاعلم في الفقه والاصول وهو لا يستطيع ان يقود نفسه او اسرته ؟ يكفي في الولي الفقيه الاجتهاد ، نعم يجب ان يكون قد استوعب الاسلام اصولا وفروعا عاملا به زاهدا في الحياة الدنيا ، ويجب ان يكون الافضل من حيث القيادة وسعة الصدر عارفا بزمانه لا تلتبس عليه اللوابس . وهنا استذكر قصة جميلة تؤيد ما اذهب اليه تروى عن المجدد الشيرازي الرجل الفقيه العالم العارف بامور زمانه الذي احبط مؤامرة بريطانيا في الاستيلاء على الاقتصاد في ايران من خلال فتوى التنباك
وخلاصة القصة : ان بعض الناس طلبوا من المرجع تأييداً لأحد العلماء ، لكنه توقف عن إرسال الرد إليهم ؟ فكتبوا إليه مرة أخرى ومع ذلك لم يصلهم منه جواب ! فوفدوا عليه مستفسرين عن السبب ، وهل إنه لم يطمئن لشهادتهم ، مما جعله يمتنع عن إجابة طلبهم ؟
وهنا قال الميرزا الشيرازي : لقد أطمأننت لجميع ما قلتموه وكتبتموه ، إلاّ أنكم لم تذكروا لـي( إلاّ علمه وتقواه فقط) ‍. دون أن تشيروا من قريب أو بعيد إلى تدبيره ، وفطنته ، وكياسته ، وإدراكه للظروف التي يعيشها ، وهي جميعاً أمور هامة للقائد والمدير الناجح . فما فائدة علم الرجل وتقواه، إذا كان متَّصفاً بالبساطة والسذاجة وعدم الفهم للحياة وتكاليفها ولا يدرك الظروف التي تحيط به ؟. فتدبر .
ـــــــــ