الخميس - 28 مارس 2024

لماذا لم تقاتل الولايات المتحدة في أوكرانيا؟!

منذ سنتين
الخميس - 28 مارس 2024


تبارك الراضي ||

من بدء الحملة الروسية في أوكرانيا، والرأي العام منقسم ما بين مؤيد لروسيا وآخر داعم لأوكرانيا، لكلا الطرفين أسبابه. وقد وضعت هذه الحرب فئة معينة في تناقض بالمواقف، هنا أتحدث عن المدافعين حقوق الإنسان والنابذين للحروب كوسيلة لحل النزاعات، وفي الوقت نفسه دافعوا عن الحملة الروسية. عملت هذه الفئة طيلة الفترة الماضية للترويج بإن هذه هي نهاية التابعين للولايات المتحدة، وإن واشنطن تركت أوكرانيا وحيدة لإن ديدنها التخلي عن الحلفاء. هنا أود أن أتوسع بالحديث…
بالنسبة للولايات المتحدة لا يوجد حلفاء دائمين ولا أصدقاء دائمين، توجد مصالحة دائمة. مقولة كيسنجر هذه يجب أن تكون راسخة في أذهاننا. ولنعود قليلاً للعام الماضي، عندما فاجئت الولايات المتحدة أحد أهم حلفائها وهي فرنسا بتوقيع إتفاقية “اوكوس” مع استراليا وبريطانيا، ولم يكن الأمر عدم إطلاع حليفتها، أو عدم ضمها للإتفاقية، كان الأمر أكبر من ذلك بكثير، فقد دفعت فرنسا ثمن هذا الإتفاقية صفقة كانت بينها وبين استراليا، وهنا السؤال: من أكثر أهمية فرنسا أم أوكرانيا؟ بالتأكيد فرنسا، لكن المصالح الأمريكية أهم منهما كلتيهما.
بالنسبة للولايات المتحدة تتركز جهودها على منطقة المحيطين الهادي والهندي؛ لاحتواء النفوذ الصيني هناك. وفقاً لإستراتيجية بايدن المؤقتة فجهود الولايات المتحدة تقوم على تخفيض التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط وغيره من المناطق، وتركيز التواجد في المنطقتين السابقتين. الخطر الأول للولايات المتحدة الآن هو الصين، لكن ماذا بشأن الآخرين؟ هنا أقصد روسيا وإيران. في هذا الصدد تتشابه إجراءات الولايات المتحدة في افغانسان وأوكرانيا. لجأت واشنطن لسحب قواتها في إطار تقليل التواجد العسكري الأمريكي كما هو معلن، لكن السبب المهم هو أن التكاليف المترتبة تفوق المكاسب المتحققة، في حين أن مكاسب الانسحاب أكبر وأكثر ملائمة لطبيعة المرحلة. يأتي الانسحاب بمكاسب للولايات المتحدة هي: تخفيف العبء على القوات الاميركية، والتركيز على الوضع في المحيطين الهادي والهندي، والأهم زعزعة الاستقرار على الحدود الإيرانية والحدود الصينية، وإضافة خطر دائم لهم متمثل في طالبان.
بالنسبة للوضع في أوكرانيا، السؤال هل تستحق بوصفها هدفاً أمريكياً استخدام القوة العسكرية؟ الجواب تمثل أوكرانيا هدفاً رخواً للولايات المتحدة الأميركية، وهو واضح من التصريحات الأميركية “لن نفاوضهم ولن نحاربهم”. وفي وقت انشغل الرأي العام بدعم روسيا، غفلوا عن هدف الولايات باستنزاف روسيا وشغلها بصراع الغاية منه إضعاف أحدى الدول الصاعدة المتحدية للنظام القائم…