الجمعة - 29 مارس 2024

قراءة في كتاب (التنمية الإسلامية في فكر السيد علي الخامنئي)/1

منذ سنتين
الجمعة - 29 مارس 2024


خالد جاسم الفرطوسي ||

**مصطلح التنمية وتبيان التقدم الكلي وجوانبه في فكر الإمام الخامنئي دام ظله
إن هدف التنمية الأساسي هو تحسين حياة البشر، وهذا يعتمد على مستوى إشباع حاجات الأفراد الأساسية والثانوية، وهذا يعتمد بدوره أيضاً على زيادة وتنويع السلع والخدمات المتاحة، وعلى رفع إمكانيات الأفراد للحصول عليها.
إن مفاهيم التنمية وإن تعددت فإنها تتفق في الهدف العام الذي يعني تحقيق سعادة الإنسان ورفاهيته وتقدم المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.
يقوم التصور الإسلامي للتنمية على أساس أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الكون واستخلف الإنسان في الأرض ليقوم بعمارتها، وفق منهج الله تعالى وشريعته.
هنا سنقوم بطرح وجهة نظر الإمام علي
الخامنئي للتنمية الإسلامية من خلال آرائه وممارساته..
مفهوم التنمية، ويشمل بحثنا فيه عدة نقاط، وكما يأتي:
أولاً: حينما نقول «تقدم» يجب أن لا يتبادر إلى أذهاننا التنمية بمفهومها الغربي الدارج، فلقد حدث الاستغلال لمصطلح التنمية على مدى التاريخ وفي عهدنا في جميع أرجاء العالم وفي بلادنا.
نموذج التنمية لدى الكثير من نخبنا ومدرائنا نموذج غربي فحسب؛ أي لابد لنا أن نتابع التقدم والتنمية وفق النماذج التي صنعها الغربيون لنا.
هذا هو نظر الكثير من مدرائنا ونخبنا، وهو تصور خطير وخاطئ في آن واحد.. وما أريد أن أضيفه أن كلمة التقدم اخترناها بدقة وتعمدنا عدم استخدام كلمة التنمية، والسبب هو أن كلمة التنمية لها محتوى من حيث القيمة والمعنى ولها لوازمها التي قد لا نكون من المواكبين أو المتماشين أو الموافقين لها.
لا نريد استخدام مصطلح عالمي دارج يفهم منه معنی خاص وإشراكه في مهمتنا وعملنا.
إنما نطرح ونعرض مفهومنا الذي نقصده، وهذا المفهوم عبارة عن «التقدم».
التنمية اليوم مصطلح شائع في الأدبيات السياسية والعالمية والدولية.
قد تكون للتقدم الذي نتحدث عنه أوجه اشتراك مع ما يفهم من التنمية عالمياً – وثمة مثل هذه الوجوه المشتركة بالتأكيد – لكن لكلمة التقدم في منظومة مفرداتنا معناها الخاص الذي يجب عدم الخلط بينها وبين التنمية الغربية، بنفس ما لها من خصوصيات ومواصفات.
لقد مارس الغربيون على مدى السنين تكتيكاً إعلامياً يتسم بالشطارة، وهو أنهم صنفوا بلدان العالم إلى متقدمة ونامية ومتخلفة.
يتصور للوهلة الأولى أن البلدان المتقدمة
هي تلك التي تتوفر على التقنية والعلوم المتطورة، والبلدان النامية والمتخلفة هي التي لا تتوفر على هذه العناصر.
أن القضية ليست كذلك لعنوان البلدان المتقدمة والعنوانين اللذين يلياه، أي النامية
والمتخلفة، فهما مضمون قيمي وجانب تقييمي.
فحينما يقولون بلد متقدم يعنون في الحقيقة البلد الغربي بكل خصوصياته الثقافية وآدابه وسلوكه وتوجهاته السياسية، هذا هو معنى البلد المتقدم.
والبلد النامي هو البلد السائر في طريق التغريب.
والمتخلف هو البلد غير الغربي والذي لا يسير نحو أن يكون غربياً.
هكذا يريدون تفسير الموضوع.
تشجيع البلدان على التنمية في الثقافة الغربية
المعاصرة هو في الواقع تشجيعها على التغريب. يجب أن تتنبهوا لهذه النقطة.
نعم، ثمة نقاط إيجابية في سلوك وأعمال وشكل وظاهر البلدان الغربية المتقدمة وإذا تقرر أن نتعلم هذه النقاط فسوف نتعلمها، وإذا تقرر أن نتتلمذ فسوف نتتلمذ.
ولكن نعتقد أنه توجد إلى جانب ذلك مجموعة من القيم السلبية في تلك البلدان.
لذلك لا نوافق على الإطلاق لحالة التغريب، أو التنمية حسب المصطلح والمفهوم الغربي، والتقدم الذي ننشده شيء آخر.