الأربعاء - 01 مايو 2024
منذ سنتين
الأربعاء - 01 مايو 2024


غازي تركمن أوغلو ||

يمشي الفقيرُ وكلُّ شيءٍ ضِدَّهُ *** والناسُ تغلقُ دونهُ أبوابَها
وتراهُ مبغوضاً وليسَ بِمُذنبٍ *** ويرى العداوةَ لا يرى أسبابَها
حتى الكلابَ إذا رأت ذا ثروةٍ *** خضعت لديهِ وحرَّكَتْ أذنابَها
وإذا رأت يوماً فقيراً عابراً *** نَبَحَتْ عليهِ وكَشَّرَتْ أنيابَها
اختلاف الناس في الرزق سنة كونية، تنتج عن اختلاف درجات فهمهم ومواهبهم واختلاف مصادر الرزق، وعوامل اجتماعية وجغرافية وعوامل أخرى جعلها الله أسباباً للمفاضلة في الرزق، ولو شاء لجعلهم أمة واحدة، ولكن ليبلو بعضهم ببعض ويمتحن صبر هذا وثبات ذاك {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ۚ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ۚ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}
ليست المشكلة في الفقر ما فيه من نقص في الأموال والأرزاق فقط، بل المشكلة فيما ينتج عنه من تغير في الأفكار والأعمال.
أسوأ من الفقر، انعدام ثقة الفقير بالمجتمع وفقدان احترامه لمبادئ التعايش، مما ينتج عنه التعدي على ممتلكات الغير سرقة، نهباً او غصباً
أسوأ من الفقر، فقدان الرغبة في الحياة، وما ينتج عنه من البحث عن المهالك والانخراط في أعمال الإجرام والارتزاق في الحروب والصراعات لأجل كسب المال القذر، ومحصلة كل ذلك من الإخلال بحياة الفقير نفسه مع مجتمعه الظالم له.
أسوأ من الفقر، الأبواب التي تُغلق (في وجوه) الفقراء، في نفس الوقت التي تُغلق (على) الأغنياء لقضاء حوائجهم في هدوء وسلاسة برغم تساوي القدرات إن لم يكن تفوق الفقراء عليهم
ما هو أسوأ من الفقر؛ هو الفساد المجتمعي والسياسي والتعليمي والصحي والأخلاقي والنفسي الناتج عن تكدس المال والثراء في فئات معينة، وبقاء المال دُولةً بين الأغنياء منهم
لذلك، لا نستغرب المقولة المنسوبة للإمام علي ابن ابي طالب (عليه السلام)-: “لو كان الفقر رجلاً.. لقتلتُه.” ولكن هل هذه دعوة إلى كراهية الأغنياء؟ أو المساواة المطلقة بين الناس؟ أو حقداً طبقيا؟ أو اعتراضاً على قضاء الله وقدره؟ سنرى.
ملحوظة: الحديث هنا عن الفقر كمشكلة اجتماعية ينبغي علاجها، لا يعني أن هناك مِن الفقراء من هو أسعد وأجمل وأفضل من كثير من الأغنياء…