فائض القوة المزعومة..!
أمين السكافي ـ لبنان ||
هم الأميركيين مجددا الذين يعيشون فائض الوهم المستشري في أدمغتهم، والذي يجعلهم يظنون أنهم الشعب والحكومة المختارة لتتحكم ليس بالكرة الأرضية فقط وبل بهذا الكون الفسيح،
هذه الدولة التي تعتقد أن بإمكانها إدارة الكوكب وسرقة ثرواته وتخريب أنظمته، إن رفضت الدخول في الطاعة الأميركية أو النزول عند رغباتها فأميركا تتصرف كالبلطجي أو قاطع الطريق الذي إن لم تعطه الأتاوة رأس كل شهر، فهو على إستعداد أن ينغص عليك حياتك ويحولها إلى جحيم ،والتهم ستكون جاهزة من إرهابي أو داعم للإرهاب أو خوفها المزعوم على الحريات في هذا البلد،
تخيلوا إخوتي الأعزاء أن أميركا إتهمت وهددت المحكمة الجنائية في جنوب أفريقيا، لأنها لم ترضخ لتهديداتها بسحب الدعوى المقامة على ربيبتها إسرائيل . إن أكثر ما تنجح به الولايات المتحدة هو إقامة الفوضى في العالم بتسميات مختلفة، مرة تحت مسمى الربيع العربي ومرة الشرق الأوسط الجديد ، ومرة تحت مسمى الفوضى الخلاقة هذا في منطقتنا ناهيك عن بقية العالم ،
مشكلة أميركا أنه ليس لديها سياسة ثابته فحليف اليوم قد يكون عدو الغد والعكس صحيح ،أما تفوقها فهو في إنتاج التنظيمات الإرهابية لتتخذهم عذرا بعد ذلك كي تتدخل في البلدان أماكن تواجدهم التي زرعتها فيها، أميركا هي كرجل ضخم مفتول العضلات ولكنه يمتلك عقل عصفور، ولذلك نرى الهياج في أغلب تصرفاته ولكن ومع ذلك وبسبب غباء سياساته أصبح كالفقاعة الضخمة التي لا تحتاج أحيانا إلا إلى رأس دبوس كي تبدأ في العودة لحجمها الطبيعي .
وإذا ما أستعرضنا المعارك والإحتلالات التي قامت بها أميركا من بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فاليابان أستطاعت أن تدمي الأميركيين، ولولا وحشيتهم ولا إنسانيتهم عندما قصفوا اليابان بقنبلتين ذريتين على هيروشيما وناكازاكي، وتسببوا بأكبر مجزرتين في التاريخ الحديث ما كانت لتستطيع التفوق على اليابان ولا أحد ينكر عليها قوتها التدميرية،
ومع ذلك فحربها في فيتنام إنتهت بإذلالها رغم جبروتها وخرجت صاغرة من سايغون لحظة دخول الفيتناميين لها، وهذا ما حصل في الصومال هذا البلد الفقير إستطاع أن يمرغ أنفها في التراب، وهذا ما حصل لها في العراق وأفغانستان عندما لم تستطع أن تقضي على المقاومة في هذين البلدين التي كلفتها الكثير من الخسائر،
وطبعا لا نستطيع أن ننسى خروجها المذل من لبنان في ثمانينيات القرن الماضي بعد تفجيرات إستشهادية دمرت هيبتها لتغادر على عجل هذا البلد الصغير .
أميركا لا تفقه التاريخ لأنها أصلا لا تمتلك تاريخا خاصا بها فهي مولود جديد ذو ثقافات وأعراق مختلفة، وكل حاضرهم ومستقبلهم يعتمد على تاريخهم القريب الذي له علاقة بالغرب الأميركي، أو بإنتاجهم الهوليودي الذي يتحول من فيلم لأسطورة لكذبة يعيشون عليها معتقدين بصحتها كونهم أبطال العالم،
من الصعب على القيادة الأميركية الشعور بمعاناة الأشخاص الذين أحتلت أرضهم لأنهم أصلا هم طارئين على هذه البلاد والتي كانت في وقت سابق لمى يدعى بالهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين، التي جرت عليهم أكبر إبادة في التاريخ من قبل الرجل الأبيض القادم من القارة العجوز، حتى لم يبق منهم إلا النذر اليسير وكذلك الظلم والإستعباد.
فهذه مفاهيم لم يعرفوها وخاصة أنه جرى إستعباد كل ما يمت للون الأفريقي بصلة، وكانت قوافل العبيد المخطوفين من أفريقيا وصولا إلى أميركا تتوالى ليعيشوا في ظروف أسوأ من معيشة الحيوان نفسه، وليعملوا كعبيد لدى الرجل الأبيض ولا زال التعاطي معهم بطريقة فوقية تعبر عن الإزدراء .
أما المضحك المبكي لدى أميركا فهي قناعتهم أنهم بلاد الحرية والقانون والديموقراطية وبلاد الفرص، وأنهم المرجع العالمي لكل ما قد يخطر بالبال فهي ورغم قدراتها العسكرية التي تجعلها تفرض رأيها وسياستها على الضعفاء في هذا العالم، فهي تقف متهيبة أمام بلاد ككوريا الشمالية والصين وروسيا لأنها تعلم أن دخولها في أي حرب مع هذه الدول ستكون كلفته باهظة،
لذلك فهي تبقي عرض عضلاتها موجها نحو البلدان التي تدور في فلكها وبحاجة دائمة لحمايتها والتي أنظمتها تخشى التغيير إن هي خالفت السيد الأكبر، وتبقى الجمهورية الإسلامية الدولة الوحيدة التي لم يستطع الأميركي فك شيفرتها فرغم مرور ٤٥عاما،
ولا زالت القيادة الإيرانية تعلن العداء ومنذ إنطلاقتها للقيادة الأميركية وتحاول تحطيم دفاعات حليفتها الموثوقة بواسطة حلفائها تارة وبنفسها تارة أخرى، ولا نستطيع أن ننسى الإهانة التي وجهها الطلاب الإيرانيون لمقر السفارة الأميركية في طهران عند نجاح الثورة وتسلم الإمام المقدس الخميني لمقاليد السلطة في البلاد ،
في المحصلة أميركا تفهم لغة القوة وفقط لا تفاوض إلا الأقوياء، والتعاطي معها بدبلوماسية لا ينفع أن لم يكن مدعما بالقوة ولذلك هي لا تمتلك النفس الطويل بل سريعا ما تمل وخصوصا إن كانت خسائرها قد بدأت تؤذي قيادتها السياسية إعلاميا وسياسيا.