الأربعاء - 01 مايو 2024

هل القيادة أمرٌ فِطري أم مكتسب؟

منذ سنتين
الأربعاء - 01 مايو 2024


خالد الفرطوسي ||

تسعى المنظمات ذات الأحجام المختلفة إلى إعداد المديرين الذين يجيدون القيام بالأعمال، لكن للأسف نادراً ما نلاحظ التوجه لإعداد القادة.
رُبّما لأنّنا لا نُفرق بين دور المدير والقائد، أو لاعتبار أنّ الشخصية القيادية لا يُمكن إعدادها لأنّها بنظر البعض موهبة تأتي مع الولادة، وتنمو بحسب المحيط والبيئة التي يترعرع فيها القائد المرتقب.
ولعلّ ما يُؤكد لهؤلاء نظريتهم، إنّ الكثير من القادة الواقعيين في مجتمعنا لم يتمّ إعدادهم أو بنائهم في أيّ مدرسة أو معهد.
وفي المقابل، قدّم بعض العلماء والباحثين نظريات تتعلق بالشخصية القيادية وخصائصها الأساسية، ووجدوا أنّ بالإمكان أكتساب هذه المُميزات فيما بينهم لتقديم أفضل البرامج والأدوات المساعدة.
أمّا الرؤية الإسلامية في موضوع القيادة فتنطلق من مبدأ واضح يؤكّد إمكانية تبدل حقيقة كلّ إنسانٍ بشكلٍ كاملٍ، وتحقّقه في النهاية بأيّة صورة أو شخصية.
فقد أُعطي الإنسان الاختيار لرسم صورته النهائية…
ولهذا تكون جميع الخصائص النفسية بالنسبة له قابلة للاكتساب أو هو قابلٌ لاكتسابها.
وباعتقادنا لم تُكشف الرؤية الإسلامية بتقديم هذا التصور والفكر المُلهم، بلّ قُدّم البرنامج التفصيلي لتكامل الإنسان.
وكان من جملة معاني الكمال ومراتبه التي تظهر في الحياة الدنيا، مرتبة القيادة التي تنطوي تحتها سلسلة من الكمالات والصفات الحسنة.
ولا نقصد بالقيادة الرئاسة، فرُبّ قائدٍ حقيقي يتمتع بكلّ صفات القيادة اللازمة وهو حبيس بيته، لا يُسمح له بالعمل حسداً من الأقران وجهالةً من الناس.
وعلينا أن لا ننسى إنّ من أهمّ خصائص المجتمع المتكامل أو المنظمات الناجحة وجود مجالٍ حيوي في داخلها وضمن أنظمتها وبرامجها، يترقى فيه الأشخاص المناسبون ويصعدون على سلالم القيادة.
كما إنّ من أهمّ علامات انحطاط المجتمع أو المنظمات أن تصبح الإمرة والقيادة بالمحاباة والمداهنة والاعتبارات السياسية والاجتماعية البحتة.
وقد ورد عن النبي (ص) أنّه قال بهذا الشأن:- ((الناس كأبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة)) وهذا يُشير إلى أنّ القائد ذو الصفات المؤهلة للقيادة منذ الولادة (بالفطرة) موجودٌ بنسبة 1% أو أقل، ويذهب الكثير من علماء الإدارة اليوم إلى أنّه في الحدّ الأقصى لا يوجد قائدٌ مؤهلٌ للقيادة فطرياً إلّا بنسبة 1%، ويذهب البعض الآخر إلى أنّه يُحدّد بنسبة 2%، لكنّ حديث الرسول (ص) أدقّ وأكثر صحّة. لا
وعندما نتكلم عن صناعة القادة علينا أن لا ننسى إنّ الإنسان يعيشُ أغلب فترات يومه داخل دوّامة الصراعات، فلا يكاد يستيقظ من دوامة إلّا وسقط في الأخرى، ومنها:
1- دوّامة عدم تحديد الهدف (الرسالة والرؤية).
2- الخواء الروحي، المتمثل بالضعف الشديد في إحساسنا بالواجب الذي من أجله خُلقنا.
3- البطالة الضاربة أطنابها في مُعظم دول العالم .
في خِضَمّ هذه المأساة، نسينا بأننا لدينا إمكانات ضخمة للغاية، تتمثل في إنسان العقيدة، ذو المبادئ الإسلامية الصافية، ولكنّه ضائعٌ في خِضَمّ المتناقضات ومعارك الحياة، فأصبح لا يقوى على حمل نفسه، حتى تاه في زحمة الحياة، وفُقِد في زمن الطلب ..