الثلاثاء - 30 ابريل 2024

دعوة اميركا لرئيس الوزراء…هل هي مبادرة ام مناورة ؟!

منذ 3 أسابيع

حافظ آل بشارة ||

زيارة رئيس الوزراء محمد السوداني المرتقبة الى واشنطن، تثير عددا من التكهنات، على افتراض انها زيارة ذات اهداف مهمة فعلا بين دولتين لهما سيادة متساوية، لكن متوقع ايضا ان تكون زيارة دعائية تريدها اميركا لتأكيد هيمنتها على مناطق نفوذها في المنطقة، لأن الاتفاقات بين اميركا واي دولة تحت السيطرة عادة لا تجري خلال زيارات استعراضية يتداولها الاعلام، بل باتفاقات سرية متواصلة، واذا كانت هذه الزيارة مبرمجة للتوصل الى اتفاقات حقيقية بين العراق واميركا، فهذا يعني ان هناك عملية تفاوض، والتفاوض يعني وجود طرفين وكل طرف عادة يستخدم اوراقه لتحقيق اهدافه باعلى سقف ممكن، اوراق اميركا التي تلعب بها مع العراق تتلخص بتصرفها باموال العراق عن طريق البنك الفدرالي، وقدرتها عبر آلياتها الخاصة على التحكم بسعر الدولار وتدمير قيمة العملة العراقية، وكذلك قدرتها على شن هجمات ارهابية داخل العراق باستخدام داعش، وقدرتها على تحريك تظاهرات مسلحة في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب تنفذ عمليات تخريب وقتل، ووجود قيادات عسكرية صديقة لاميركا.
اما اوراق العراق في التفاوض فهو وجود فصائل المقاومة التي هاجمت سابقا وتستطيع مهاجمة المواقع الامريكية، ووجود تحالف كبير بيده الحكومة والبرلمان قادر على بلورة قرارات سياسية، اما نقاط الضعف التي تواجهها اميركا فمنها انشغالها بالحرب في غزة وعدم القدرة على حسم المعركة بالقتال، ومواجهة واشنطن محور مقاومة كبير في المنطقة يعد ظهيرا ميدانيا قويا للمقاومة الفلسطينية، ولا تستطيع اميركا تحييد اي طرف كأيران واليمن وحزب الله في لبنان في هذه المعركة، كما تواجه اميركا وحزب بايدن مشكلة الوقت وضرورة تحقيق تهدئة حقيقية قبل الانتخابات الرئاسية الامريكية في نوفمبر المقبل التي سيترشح فيها بايدن لولاية ثانية.
اما نقاط الضعف الاكبر في العراق فهو تحول قضية اخراج القوات الامريكية من العراق الى قضية شيعية، اذ يبدو الشيعة وكأنهم الطرف الوحيد الذي يصر على انسحاب قوات التحالف الدولي او القوات الامريكية او النيتو من العراق، يقابل ذلك رفض كردي وسني لهذا المطلب ! لاسباب لامجال لبيانها، وهذا يعني ان اقل ضغط امريكي على العراق سوف يؤدي الى فرز خنادق اوضح بشأن الانسحاب.
لهذه الاسباب وغيرها يمكن للعراق واميركا بلورة صيغة استعراضية خطابية تؤكد ان القوات الامريكية (التي هي على شكل خبراء ومدربين كما يقول الامريكيون) او التحالف الدولي تنسحب من العراق ويتم وضع صيغة جديدة للعلاقة بين البلدين، خاصة وان اميركا لا تحتاج الى اي قوات حاليا في العراق لانها تنفذ اهدافها بصيغ غير عسكرية، ومهما بدت النتائج جيدة فهناك ظواهر محرجة جدا في العلاقة بين البلدين يجب ان يوضع لها حد مثل : فقدان العراق السيادة على اجواءه امتلاء سماء العراق بطائرات درون وضربها اهداف وقتل قادة وتدمير معسكرات الحشد متى تشاء، وعجز العراق عن منعها، وكذلك استخدام الاراضي العراقية لايواء مجموعات ارهابية لضرب ايران والتسلل اليها بحماية امريكية، وحماية اميركا لحكومة اقليم كردستان ودعمها في التمرد على المركز وعدم تنفيذها قرارات القضاء بشأن النفط والرواتب والمنافذ وايواء المطلوبين، كذلك سلطة السفيرة الامريكية التي تتجول في مكاتب الوزارات والاحزاب وكأنها في بيتها، وهو مالم يفعله سفير اي دولة وهو امر مخالف للقواعد الدبلوماسية.
زيارة السوداني يجب ان تتضمن حل هذه المشاكل ويفترض ان تستجيب اميركا لمطالب العراق كدولة ذات سيادة، اذا لم تحل هذه المشاكل واذا لم تلبى مطالب العراق فسوف تبقى الزيارة مجرد استعراض اعلامي لتأكيد هيمنة اميركا على العراق والمنطقة.