التنمية في مشروع الشهيد الصماد..!
محمد صالح حاتم ||
يُعدّ الشهيد صالح الصماد أحد القادة القلائل الذين تركوا بصمة خالدة في مسيرة اليمن الحديث، ليس فقط من خلال دوره السياسي والعسكري والوطني، بل من خلال مشروعه التنموي الطموح الذي تبنّاه تحت شعار: “يدٌ تحمي ويدٌ تبني”. لقد كان هذا الشعار أكثر من مجرد كلمات؛ بل رؤية استراتيجية متكاملة تهدف إلى بناء دولة يمنية قوية، مستقلة، وقادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بعيدًا عن الوصاية الخارجية وأشكال الاستعمار الاقتصادي والغذائي.
كان الشهيد صالح الصماد ابن الريف، الذي نشأ في بيئة زراعية ويُدرك أهمية الزراعة ودورها في توفير لقمة العيش والقوت الضروري لحياة الإنسان واستمراره. جاء من عمق الشعب اليمني، ولم يكن نتاجًا لدهاليز السفارات الأجنبية، سواء السعودية أو الأمريكية أو البريطانية، ولم يتلقَّ تعليمه في الجامعات التي تصنع القادة المرتبطين بأجندات خارجية؛ بل تخرّج من مدرسة القرآن الكريم، وكان الإيمان سلاحه، والقرآن دستوره الذي سار على نهجه.
منذ توليه رئاسة المجلس السياسي الأعلى في اليمن، كان الشهيد الصماد يؤمن بأن التنمية الحقيقية هي تلك القائمة على هدى الله، والمستمدة من تعاليم القرآن الكريم، بعيدًا عن نظريات وأبحاث ودراسات المنظمات الدولية التي تخدم مصالح المانحين أكثر مما تخدم الشعوب. لقد أدرك أن التنمية لا تنفصل عن الاستقلال الوطني والسيادة، ولهذا ركّز على مشروع “يدٌ تحمي ويدٌ تبني” كنهج وطني متكامل يجمع بين الدفاع عن الوطن في وجه العدوان، والعمل الدؤوب على بناء مؤسسات الدولة وتعزيز التنمية في مختلف المجالات.
لقد أدرك الصماد أن معركة اليمن ليست فقط عسكرية، بل هي معركة بناء وتغيير وتنمية في المقام الأول. فقد سعى لإحداث نهضة تنموية شاملة تهدف إلى:
تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والدواء والكساء،و التحرر من التبعية الاقتصادية والهيمنة الخارجية،و تفعيل مؤسسات الدولة وتعزيز دورها في خدمة المواطن.و إرساء نظام العدل كأساس للتنمية المستدامة.
كان الشهيد الصماد يؤمن بأن الاستقلال السياسي لا يكتمل دون تحقيق الاستقلال الاقتصادي. ولهذا دعا إلى تنمية القطاع الزراعي باعتباره حجر الزاوية لتحقيق الأمن الغذائي، وشجّع على زراعة الأراضي وتطوير الإنتاج الزراعي والحيواني، وتقوية الروابط بين المزارعين والمؤسسات الحكومية، وتفعيل دور الجمعيات التعاونية بهدف تخفيض فاتورة الاستيراد وتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية.
لم يكن الشهيد الصماد سياسيا أو قائدا عسكريا فحسب، بل كان رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. سعى إلى بناء دولة قائمة على العدل والمساواة، حيث يكون القانون هو المرجعية العليا. عمل على تفعيل أجهزة الدولة، ومحاربة الفساد، وتعزيز الشفافية في إدارة الشؤون العامة.
لقد آمن الصماد بأن التنمية لا يمكن أن تزدهر في ظل غياب العدالة، ولهذا ركّز على إرساء قواعد الحكم الرشيد وضمان الحقوق. كان يؤمن بأن المواطن هو شريك أساسي في عملية البناء، وليس مجرد متلقٍ للخدمات.
ورغم استشهاده في عام 2018 نتيجة استهدافه من قبل طيران العدوان الأمريكي، ظل مشروع الشهيد الصماد حيّا في قلوب اليمنيين. فقد تحوّل إلى رمز للصمود والتنمية، وأصبحت رؤيته نبراسا يُسترشد به في مختلف المشاريع التنموية.
لقد كان الشهيد الصماد يؤمن بأن “يدًا تحمي” الوطن من العدوان السعودي الأمريكي الإسرائيلي، وقد تحقق هذا المشروع بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل القيادة الثورية التي ترجمت هذا الشعار إلى واقع عملي؛ فأصبحت صواريخ اليمن تصل إلى الأراضي العربية المحتلة وتدكّ أوكار العدو الإسرائيلي. أما الشق الثاني من مشروعه، وهو “يدٌ تبني”، فهو الأساس الذي يؤسس لدولة قوية ومستقلة.
وإن علينا جميعا أن نُحوّل هذا الشق الثاني من المشروع إلى حقيقة ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية. يتطلب ذلك تعاون الجميع، وجعل توجيهات السيد القائد أساسا وخارطة طريق نسير عليها. وقبل كل شيء، يجب استشعار المسؤولية والعمل بروح الفريق الواحد، واستثمار موارد ومقومات اليمن الزراعية والسمكية والاقتصادية، وإدارتها بحكمة ورُشد حتى يتحقق حلم الصماد في “يدٍ تبني”، ونصل إلى الاكتفاء الذاتي الذي كان يسعى لتحقيقه.