الدكتورة أمل الأسدي وكشف خدع الإبراهيمية.. الحلقة الثانية: الإبراهيمية وخدع إبليس..!
المفكر الجزائري نور الدين أبو لحية ||
وهذه أول الخدع وأخطرها، ذلك أنها تزيل ذلك الوهم المرتبط بكون المخططات الصهيونية والأمريكية والغربية مرتبطة بالسياسة أو الاقتصاد فقط، أو بمنطقة معينة بسبب موقعها الاستراتيجي، بل تجعل منها قضية عقدية ترتبط بالإنسان نفسه، وفي كل محلّ، ومن كل النواحي.
وقد أحسنت الدكتورة أمل صنعا، عندما بدأت هذا الكتاب بالحديث عنها، وعن اعتبار الإبراهيمية مجرد حلقة في سلسلة كيد الشـيطان والذي صاحب البشرية منذ بدايتها الأولى، أي منذ آدم عليه السلام، كما قص القرآن الكريم علينا ذلك..
وبذلك؛ فإن الشيطان ـ كما تذكر الدكتورة أمل ـ هو المؤسس الحقيقي لهذا التيار الجديد المخادع، على الرغم من أن الكثير من الذين يدّعون أنّهم أكاديميون أو مثقفون يستحون من ربط الشيطان بأي مؤامرة أو تخطيط أو كيد.. إما حياء، وإما خوفا من أن يُتهموا بغير الموضوعية، أو البعد عن المنهج العلمي الأكاديمي، وأمثال هذه الألقاب.
لكن الدكتورة أمل خالفت ذلك،
فبدأت بذكر ما ورد في القرآن الكريم من التحذيرات؛ فقالت: (مازالت الحياة تسير بين جبهتين منذ ان قالت الملائكة:
﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 30]
ومنذ أن علّم الله آدم الأسماء كلها.. وهكذا تشكلت جبهة الحق، وتشكلت مقابلها جبهة الباطل، منذ أن تمرد إبليس وعاند واستكبر)([1])
ثم ذكرت كيف توزعت الحياة وأصناف الناس بين هاتين الجبهتين، فقالت: (وهكذا صار أمام بني آدم طريقان، طريق مع جبهة الحق وممثلية الحق، وطريق مع جبهة الباطل وممثلية الباطل، ونشأ علی هذا الأساس فريقان، فريق ورث خصائص جبهة الحق والتزم بها، وعمل عليها وبها، وفريق ورث خصائص جبهة الباطل وممثليته وعمل عليها وبها،
فهم جنود الشيطان، عملهم واحد، وخططهم واحدة، ومهما تطورت الحياة، ومهما تقدم العقل البشري لن تخرج حياة البشرية عن هاتين الجبهتين)([2])
وهذه الرؤية القرآنية مهمّة جدا، لأنها تبحث في منبع كل ضلالة، من خلال الرؤية القرآنية لا من خلال الرؤى التي تدعي البحث العلمي، ولكنها في حقيقتها تنطلق من أهوائها أو أديانها أو طوائفها.. ولذلك عقبت الدكتورة أمل على ذلك بالتذكير بما ورد في القرآن الكريم من الحديث عن استغلال اسم إبراهيم عليه السلام لخدمة المشروع التـحريفي الشيطاني،
فقالت: (من هنا وقفنا عند ممثلية الشيطان وخططها ضد جبهة آدم والملائكة، ضد الإنسانية، ضد إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وعيسی ومحمد، ومع أن الله تعالی حسم موقف خططهم حول النبي إبراهيم مبكرا وقال: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 67]([3])
ثم ذكرت أن تلك الخدعة القديمة التي مارسها الشيطان مع الملل السابقة، أعادوا تجديدها ، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك عندما ذكر سلوك هذه الأمة درب من سبقها حذو القذة بالقذة، وأنها ستقع فريسة لتضليلات الأمم السابقة، وخصوصا الـيهـــ.ود الذي ذكر الله تعالى أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا،
تقول الدكتورة أمل: (الخط الذي اعتاد علی الجدال والالتفاف علی الحق لايكف عن استغلال كل شيء لصالحه، ولايكف عن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، فقد جادلوا نبيهم علی بقرة تكشف حادثا واحدا، فماذا عساهم يفعلون من أجل احتلال الأرض والسيطرة علی مقدرات الشعوب المستضعفة!؟
ماذا يفعلون من أجل انتزاع الحق من أصحابه؟
فذهبوا الی استعمال اسم النبي إبراهيم ومكانته ودوره، وزجه في مشروع استحواذي جديد، مشروع استعماري جديد، يعتدي علی هوية الإسلام ويسعی الی طمسها، ويعتدي علی ممتلكات الشعوب ويسعی إلی سرقتها، هكذا خطط الـصـ.هـــ.اينة عبر مشروع (مسار إبراهيم) المشروع الذي ظاهره مشروع هادئ عبادي بريء، وباطنه عداء واعتداء واستحواذ!)([4])
وما ذكرته الدكتورة أمل عن استعمال الشـيطان لهذه الخدعة هو ما يشير إليه القرآن الكريم في محال كثيرة،
كقوله تعالى: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 62]،
وقوله: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: 27]،
وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الحجر: 39]..
وغيرها من الآيات الكريمة التي تبين مصدر هذه الخدعة، وأنها تنطلق من نفس المنهج الذي استعمله الشـيطان في أول معاركه مع الإنسان.
#الإبراهيمي_حرب_الاستحواذ_على_الموارد
#الدكتورة_أمل_الأسدي_وكشف_خدع_الإبراهيمية