حين يساند اخوك العدو..فلا تسألني عن الخراب..!
ضياء ابو معارج الدراجي ||
لا تسألني كيف سقطت سوريا، ولا كيف اغتيل نصر الله، ولا كيف قُتل الشايب وضيفه الجنرال، ولا كيف تم اصطياد يحيى السنوار، ولا كيف سُحقت غزة حجرًا فوق حجر، ولا كيف أصبحت إسرائيل تتحكم بمفاصل الشرق الأوسط وكأنها صاحبة الدار.
الجواب بسيط حد الإهانة… لأن العدو لم يعد بعيدًا، بل صار أقرب مما تتخيل. العدو هو الأخ، هو الشريك بالوطن، هو ابن البلد اللي صار يطعن من الخلف ويتبسم.
في فلسطين، رئيس السلطة محمود عباس يشتم أبناء غزة، يصفهم بأبناء الكلب لأنهم لم يسلموا الأسرى للإسرائيليين. أيُعقل؟ رئيس يشمت بشعبه تحت الحصار؟ تلك ليست سياسة، بل خيانة موثقة بالصوت والصورة.
في لبنان، الحكومة في فلك واحد مع مليشيات وأجنحة ترتبط بدوائر خارجية، إسرائيل تُغذي بعضها سرًا، وتكشف أسرار حزب الله بلا حياء، من ميشال عون إلى الحريري إلى جنبلاط، وكل من لفّ لفهم ممن باعوا بيروت مرارًا وتكرارًا.
في سوريا، القضية أوضح. ليس فقط أن النظام سلم البلد، بل خان حلفاءه وخسر الأرض والشعب والهيبة. اليوم يتقاسم سوريا ضباع الداخل والخارج، وآخرهم من كانوا يقاتلون جنبًا إلى جنب خانهم رأس النظام شخصيًا.
أما العراق… فحدّث بلا حرج.
هنا الأعداء من كل الجهات: الإقليم ضدك، بعض السنة ضدك، الأسوأ أن من داخل مذهبك من يناصبك العداء، يبتسم لك أمامك ويطعن ظهرك حين تدير رأسك.
اليوم، رموز الإرهاب تخرج من السجون، تُستقبل بالهتاف والزغاريد، وتُنشر صورهم كأبطال، تحت عنوان “عفو عام”، بينما هم قتلة ومجرمون وإرهابيون أدانهم الشعب بدمه.
وفي المقابل، لا أحد طالب بدم القائد الذي هزم الإرهاب، وذُبح مع ضيفه، لا بيان، لا قصاص، لا تظاهرة، بل محاولات متكررة لطمس اسمه وتاريخه، لأنه ببساطة يُزعجهم، لأنه لا يشبههم، لأنه لم يساوم ولم يبع.
يُراد للناس أن تنسى، أن تُغسَل الذاكرة، أن يُعاد تدوير البعث، وأن يُفرض من جديد، لكن بثياب مختلفة. اليوم المال بيدهم، السلطة بيدهم، الإعلام بيدهم، وحتى الضمائر… يشترونها.
نعم، أقولها بصوت عالٍ: البعث عاد، وعاد بأنيابه، لا بوعد إصلاح، بل بخطة اجتياح ناعم لمؤسسات الدولة، للأحزاب، للإعلام، للعقول، للشباب.
وأنا أعلم أني سأُحاسب على هذا الكلام يوما ما عندما تعود السلطة خاضعة للبعثية، ربما تُصفّى عائلتي، أو أُجبر على الهروب فقط لأني أتحدث عن الحقيقة بلا خوف ولا رتوش.
لكن ما يحزنني ليس تهديدهم، بل تراجع من كنا نراهم رموزًا، قادة، من كتبوا تاريخهم بالدم بعد ٢٠٠٣، والآن يمسحونه بأيديهم مقابل كرسي أو مال.
رحل من رحل، وبقي من يقاتل وحده. أما الأعداء… فقد كثروا. كثروا حتى صاروا يحيطون بك من كل الجهات، يطبل لهم اخرون كما كانوا يطبلون لصدام حتى اسقطوه بيد امريكا.
ضياء ابو معارج الدراجي