حادثة الامام الحسن عليه السلام ومعاوية تتكرر بزمن نوري المالكي

منذ 3 سنوات
الأحد - 05 مايو 2024


ضياء ابو معارج الدراجي ||

تاريخ الخلافة الاسلامية الذي اختلفت عليه الامة و السبب في فرقتها كانت بذرتها الاولى هي غصب حق المسلمين بتولي من نصبه الله ورسوله عليهم بايات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة صحيحة ومنعه من قيادتهم السياسية والدينية.
في بدايات الممكلة الاسلامية بعد استشهاد النبي الاعظم صلى الله عليه واله وسلم لم تحدث حروب داخلية او خيانات سياسية لا في عهد الملك الاول ولا الثاني ولا الثالث لان صاحب الحق الشرعي لم يكن يملك انصارا بالعدد الكافي ليستعيد بها حقه المغصوب وحق اهل بيته و المسلمين و صبر على ذلك بوصية من النبي صلى الله عليه واله وسلم للحفاظ على حياة اصحابه واهل بيته من القتل رغم ما تعرضوا له من اذى وفقدوا ما فقدوا من احباب و اصحاب واولهم الصديقة الزهراء عليها السلام بحادثة الباب الشهيرة.
لكن بعد مقتل الملك الثالث بثورة اسلامية قادها اهل مصر والعراق لاسباب اقتصادية لتفرد اقرباء الملك واولاد عمه بالسلطة والمال و ارتكاب الجرائم دون عقاب،اصبح كرسي الحكم فارغ ولا بد من ان يملئ بشخصية اسلامية للحفاظ على المملكة الاسلامية و حدودها الواسعة من الانهيار فخرج الناس يطلبون علي ابن ابي طالب علية السلام لتولي الحكم و الخلافة باجماع كل الامصار الاسلامية وبعد رفض متكرر منه عليه السلام في تولي قيادة التنين الهائج كرسي الحكم الذي ابتلع ثالث ملوك المسلمين قتلا ومنعوا دفنه لثلاث ايام ،رضخ امير المؤمنين لمطالب الناس في حكمهم لكن بشروطه هو كتاب الله وسنه نبيه.
خلافة علي عليه السلام و حكمه بامر من الامة الاسلامية كانت بمثابة الكارثة والصاعقة التي نزلت في قلوب اعدائه و مخالفيه الذين ساهموا في منعه من هذا الامر سابقا بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مباشرة وحركت الغيرة والحقد الدفين في داخلهم ليعكروا هذا التقدير الالهي بخلق حروب داخلية بدأت من معركة الجمل الى صفين ثم النهروان وحتى استشهاده عليه السلام جراء ضربة سيف على راسه الشريف في محرابه غدرا اثناء صلاة الفجر في ١٩ رمضان ليتولى من بعده ولده الامام الحسن عليه السلام خلافة المسلمين ببيعة عامة.
لكن المخالفين كانوا كثر ومحرضيهم اصحاب النفوذ والمال طامعين بالحكم يدسون الدسائس والناس نسيت الدين وتبعت اصحاب المال والنفوذ حتى امسى الأمام الحسن عليه السلام وحيدا يخشى على نفسه واهله واصحابه وهو خليفة المسلمين وحاكمهم لا يصاحبه الى رجال بعدد أصابع اليد اما الباقي فالتحقوا بركب معاوية حتى المقربون منه يتربصون به الدوائر، لذلك زهد الامام الحسن عليه السلام بالحكم و فضل الحفاظ على حياة ما تبقى له من انصاره واصحاب جده وابيه من المؤمنين الحق وترك حكم المسلمين لصالح معاوية بشروط يعلم ان معاوية لن يلتزم بها بعد ان استولى على الناس بالسيف والمال بالقوة و التخويف و الخديعة و التزيف.
ان حادثة الامام الحسن عليه السلام هي حادثه مشابه لحادثة في القران الكريم من قصص نبي الله موسى و هارون عليهم السلام مع السامري حين عبر موسى البحر باليهود فرارا من فرعون وجنده الى الصحراء مع ٧٠٠ الف يهودي وشق لهم البحر بمعجزة الاهية شهدها الكبير منهم والصغير تكشف قدرة الله لهم وتدفعهم الى التمسك بانبيائهم موسى وهارون عليهم السلام اكثر من ذي قبل، لكن عندما طلب الله موسى عليه السلام للقائه ٤٠ ليلة ولى عليهم اخيه نبي الله هارون علية السلام وامرهم باتباعه حتى عودته .
هارون عليه السلام كان نبي واجب الطاعة ومكلف من الله و نبيه على بني اسرائيل لكن الناس تركوا النبي الحق واتبعوا السامري وعبدوا العجل وهددوا هارون النبي عليه السلام والقلة من المؤمنين الذين معه بالقتل ان حاولوا منعهم من عبادة العجل رغم المعجزات التي عاصروها على يد موسى وهارون لكنهم كفروا بالله ورسله وخلفائه في الارض لذلك فضل نبي الله هارون عليه السلام السكوت عن السامري وبني اسرائيل حفاظا على ارواح ألناس ولو حاول منعهم فان حربا ستقوم بين المؤمنين والكافرين يقتل بها ناس كثر وتهرق بها دماء كثيرة بحرب داخلية تكسر شوكة الطرفين امام أعدائهم من المصريين السابقين وتقلل من عددهم في المعركة المقدرة لهم لدخول ارض كنعان لبناء دولة اليهود الاولى.
ان هذه القصص في القران الكريم وفي السيرة الاسلامية هي قصص وعبر تشرح تماما كيف ان الحفاظ على ارواح الناس من القتل وخصوصا المؤمنين بالله هي من اولويات الانبياء والاوصياء و الحكام العادلين وهي من اسباب تنازل الحاكم العادل عن ملكه لصالح الفاجر اذا كانت الفاجر اقوى بالمال والعده من العادل لان الحاكم غير العادل والطاغية لا يهمة ان يفنى كل الرعية والناس في سيبل ان يحكم او يحافظ على حكمة وسلطته وهذا تماما ما حدث مع الرئيس نوري المالكي في ٢٠١٤ بعد خيانة الموصل وتسليمها الى داعش من قبل حكومتها المحلية ووجهائها وكذلك خيانة المقربين منه من طيفه وتامرهم عليه وفتح عده جبهات ضده للضغط عليه لغصب حقه و حق الشعب الشرعي في اختيار من يحكمهم بعد ظهور نتائج انتخابات ٢٠١٤ لصالحه بالاغلبية المزعجة لغيره.
الرئيس نوري المالكي بعد انتخابات ٢٠١٤ كان صاحب أعلى اصوات انتخابية واعلى مقاعد برلمانية والقائد العام للقوات المسلحة و تاسس تحت حكمه قوات الحشد الشعبي بعد ١٣ حزيران ٢٠١٤ بفتوى جهاد كفائي من قبل مرجع الامة الاعلى السيد السيستناني دام الله ظله الشريف فكان المالكي امام طريقين اما اخذ حقه وحق الشعب بالقوة بما يملكه من قوات عسكرية وتاييد شعبي او التنازل عن حقه وحق الشعب لصالح المنافقين من طلاب الملك الخاسرين،فان اختار اخذ الحق بالقوة ستكون الخسائر كبيرة في ارواح الناس وممتلكاتهم بفتح جبه ثانية ضد الخونة مع جبهة داعش الاولى المفتوحة اصلا او ان يترك حقه وحق الناس التي انتخبته في قيادة البلد لصالح الخونة الخاسرين لينصبوا من ارادوا ان ينصبوه فوق رؤوس الناس لذلك فضل الرئيس نوري المالكي التنازل عن الرئاسة حفاظا لدماء و ارواح الناس على حكم زائل و تكريس الجهود العسكرية كافة لمحاربه العدو الاول داعش متحليا بالصبر متبعا بذلك سيرة امامه الحسن عليه السلام وسيرة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام ومن قبله سيرة الانبياء والصالحين .
منذ ايلول ٢٠١٤ لا نزال لغاية اليوم نعاني من ذاك الانقلاب الاسود على الديمقراطية وصوت الاغلبية خلال ٧ اعوام مضت والحكومات المتتالية من فشل الى فشل والوضع المعيشي في تدهور مستمر حتى وصلنا الى افشل حكومة تقود العراق حاليا و تخبطها في قوانينها الادارية والسياسية والمالية و تستمر في الأخطاء دون تصحيح وخصوصا القوانين التي تمس قوت المواطن من رواتب موظفين و قيمة العملة المحلية واسعار المواد الغذائية والطبية والتكميلة مما جعل الناس تعيش في بؤس مادي وعوز و تحن تماما الى ايام رئاسة نوري المالكي الذي كان يضع فيتو ضد اي قرار يمس مصالح الشعب و قوتهم يقترحه مجلس النواب العراقي او وزير ينتمي الى جهات تنوي افقار الشعب و هتك امنه الغذائي والمعيشي و الصحي و الخدمي.