الأربعاء - 01 مايو 2024
منذ سنتين
الأربعاء - 01 مايو 2024


خلود عبد القادر جواد التميمي ||

الطفُ هي تلك الملحمةُ التأريخيةُ التي كانتْ بقيادةِ إبنِ بنتِ رسول الله (ص) الإمامِ الحسينِ (ع) تتميزُ عن واقعاتِ الدهرِ بأن اثرَ إنتصار قائدِها فيها لا يحدُه مكانٌ ولا زمان لذا وصفَ المفكرُ المسيحي انطوان بارا الامامَ الحسين بأنه ” ذبيحٌ ارسى للبشريةِ مجدَها الذي ترتعُ في نعمتِهِ الآن والى ابدِ الدهورِ”
قد يسألُ البعضُ كيف انتصرَ الحسينُ ؟
يردُ هذا السؤالُ كون مجرياتّ الأمورِ عسكريًا آنذاك كانتْ لصالحِ يزيد بنِ معاوية ولكن يكمنَ سرُ الثورةِ الحسينيةِ بأن انتصارَها في رسالتِها فلم يخرجِ الحسينُ (ع) لطلبِ حكمٍ او سلطانٍ وانما لطلبِ الإصلاحِ في أمةِ جدِهِ رسولِ الله (ص) اي كانَتْ غايتُه الوقوفَ بوجهِ الظلمِ والطغيانِ والحفاظِ على الدينِ فمن خلالِ هذه الملحمةِ صنعَ الإمامُ (ع) للتشيّعِ كيانَه الخاص المنفصل عن الحكامِ والطغاةِ حيث ان المفهومَ العامَ كان قبل ثورتِهِ الحاكمُ هو من يمثلُ الشريعةَ فألغى الإمامُ الحسينُ هذا المفهومَ وبيّنَ للناسِ ان من يمثلُ الدينَ هم اشخاصٌ مرتبطونَ بالسماءِ وهم النبي محمد والمعصومون (عليهم السلام ) وكان المضحي الأولُ هو الممهد للثورةِ الإمامُ الحسنُ (عليه السلام) الذي حقنَ الدماءَ بتنازلِه عن الأمرِ لمعاويةٍ بنِ أبي سفيان.
الأمر لا يعني أكثرَ من معنى الملك والسلطان الزائل لذا هذه الثورةُ ذاتُ الإعدادِ الحَسني والتفجيرِ الحسيني منعتْ اندحارَ الرسالةِ الاسلاميةِ ووصلَ انتصارُها للأجيالِ على مرِ العصورِ فأصبحتِ المدرسةُ العاشورائيةُ خطرا يهددُ كلَ الطغاةِ حيث قدمتِ الكثيرَ من دروسِ التضحيةِ والفداءِ من اجلِ إحقاقِ الحقِ لذا كانوا وما زالوا كلَ أتباعِ تلك المدرسةِ قنبلة موقوتة قد تنفجرُ في أيِ لحظةٍ بوجهِ الظلم .
ودليلُ ذلك بعد 1375 عامَ الفٍ وثلاثمئةٍ وخمسةٍ وسبعينَ من يومِ الطفِ وعلى خطى العاشوراءِ هبَ أبناءُ الحشدِ الشعبي المقدس ليسطروا أروعَ الملاحمِ في طفِ العصرِ وكأن ابا الفضلِ العباسِ سقاهم من نبعِ غيرتِه لينصروا الحسينَ في حينَ الجميعِ في ضفةِ ( يا ليتنا كنا معكم ) عبروا اولئك الابرارُ الى ضفةِ ( إنّا معكم ) ليلتقطوا الرايةَ من كفي أبي الفضلِ و لنجدَ شيبةً مباركةً كشيبةِ حبيب بن مظاهر ومسيحي يقاتلُ كوهبِ النصراني ولنجدَ جنودًا إنسانيتهم تزاحمُ شجاعتَهم ولنجدَ زينبياتٍ شامخاتٍ رؤوسهن وهن ينادينَ ان كانَ يرضيك هذا يا رب فخذْ حتى ترضى ففي الحشدِ كلُ شيءٍ من عاشوراءَ وكلُ أرضٍ تصبحُ من اجلهِم كربلاء فبين الطفينِ نجدُ نفسَ الرسالةِ فمن لم يدركِ الحشدَ لم يدركْ دروسَ عاشوراء ، قاتلَ الحسينُ من اجلِ الانسانيةِ ولم يدافعِ الحشدُ الا للغايةِ ذاتها فمن كانتْ غايُته الإنسانيةّ منتصرًا لا محال .