الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

إسلام إلارهاب و إسلام ألمقاومة :صناعتان ومشهدان و عِبرْ

منذ 10 أشهر
الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

جواد الهنداوي

مؤسف ان يجتمع النقيضيّن في عبارة : الإسلام و الإرهاب ،الحق والباطل ، الخير والشر ، النور و الظلام ،الحياة و القتل . ولكنهما توافقا ،قهراً ، بأرادة الشيطان ، وهلّهلَ و طبّل لتوافقهما عفاري او عفاريت و أصناف الجِنّ الخبيثة ،ومن اهداف هذا التوافق ، والذي سادَ وخرّبَ لأكثر من عقدٍ من الزمن ، ليس فقط تدمير شعوب و دول ،و انما الإساءة إلى الإسلام و تشويه صورته و مكانته ، والحيلولة دون انتشاره و توسّعه ، و خاصة في دول اوربا و العالم .
مقالٌ للكاتب المرموق عبد الرحمن الراشد ، في جريدة الشرق الأوسط ،بتاريخ ٢٠٢٣/١٢/٢٨ ، وبعنوان ” هذه هي الطريقة للتخلّص من حماس ” ، صفحة ١٥ ،صفحة الرأي ، قادني لاختيار الموضوع و عنوان الموضوع ” إسلام الإرهاب و إسلام المقاومة ” ، والذي يعني إسلام القاعدة و داعش ، إسلام الذبح والقتل الجماعي للأطفال والنساء ،و كان في الأمس على يد الدواعش وجبهة النصّرة و اخوانهم في العراق و سوريّة ولبنان ، واليوم على يد الصهاينة ومرتزقتهم وحلفائهم في غزّة ، من جهة ، و إسلام غزّة و المقاومة مِنْ جهةٍ أُخرى .
ينتقدُ الكاتبُ عبد الرحمن الراشد مقال نتنياهو ، المنشور في جريدة ” الوول ستريت جورنال ” حيث ُيقترحُ نتنياهو ،في مقاله ، القضاء على حماس و استئصال التطرف في المجتمع الفلسطيني . و أنتقاد الكاتب الراشد ليس لمسعى نتنياهو لاستئصال حماس ، و انما لفقدان نتنياهو المصداقية داخل اسرائيل و خارجها ” نتنياهو لا يشبه من سبقه ،الذين على الاقل كانوا يتمتعون بشيء من المصداقية رابين ،باراك ،أًولمرت . نتنياهو دمّرَ كلّّ ما فعله الثلاث … ” ( انتهى الاقتباس ) . لِعِلم القارئ الكريم ايهود باراك ،رئيس وزراء الكيان المحتل الأسبق ، قادَ فرقة الاغتيال للشهداء الثلاث ،قادة منظمة التحرير الفلسطينية ( كمال عدوان ، وكمال ناصر ، و ابو يوسف النجار ) ،في بيروت عام ١٩٧٣ ، وكان باراك مُتنكراً بزي امرأة . وبالمناسبة ، تمّرُ اليوم الذكرى الخامسة و الخمسين على جريمة الاغتيال هذه . و لا نريد الخوض في التاريخ الارهابي و الإجرامي للآخرين من قادة كيان محتل و غاصب و توسعي ، والذين أشادَ بمصداقيتهم الكاتب عبد الرحمن الراشد .
مقال الراشد هو عتاب لنتنياهو : لأنَّ نتنياهو ، وفقَ قلم الراشد ، سمحَ لحماس بالعيش والتمّدد على حساب السلطة الفلسطينية ،لأنَّ نتنياهو أراد ان يُظهِر للعالم بأن حماس ” تشبه القاعدة ، رجال ذو لحى طويلة و نساء مُحجّبات ، و … ،نسخة لا تشبه الصورة النمطية للقضية الفلسطينية ،التي شاعت دولياً ،من ايام ياسر عرفات وليلى خالد وحنان عشراوي … الصورة التي سوقّها نتنياهو مستخدماً حماس الفلسطينيون جماعة ارهابية من امتدادات القاعدة وحماس وبن لادن والبغدادي و خامئني ونصر الله … ” ( انتهى الاقتباس ) .
صراحة ،كُلَّ عبارة كُتبتْ في مقال الكاتب عبد الرحمن الراشد تدعو للتوقف و التعليق و الاستفهام !
لا أعلمْ كيف سمح نتنياهو لحماس بالعيش والتمدّدًْ ، و حركة حماس والشعب الفلسطيني في غزّة مُحاصر منذ سنوات طويلة ، و يعيش بفضل الإنفاق ؟
لا أعلمْ ،متى كان لدى نتنياهو ولدى قادة الكيان ولدى الادارات الأمريكية المتعاقبة ،صورة نمطية مقبولة للقضية الفلسطينية ؟
و إلى اين قادت هذه الصورة النمطية ؟
أوليس جميع الفلسطينيين هم ارهابيون بنظر نتنياهو وليس فقط حماس ؟
ولماذا خلط الكاتب الحابل بالنابل و مرّرَ مقارنته لحماس بالقاعدة وداعش والبغدادي ،على لسان نتنياهو ؟
نتنياهو لم ولن يذكر داعش و الارهابيين بسوء ، هم يقاتلون مع جيشه المهزوم الآن في غزّة .بين داعش و الارهابين وجيش الاحتلال مشتركات الفكر و العقيدة و الاهداف ،هم من ذات الصانع وذات الصنائع ، جرائم داعش في الأمس والتي أُرتكبتْ في العراق وسوريّة ولبنان ،تُرتَكبْ اليوم وبصورة رسميّة و اوسع وبمشاركة الصانع في غزّة .
وهل يستوي المرابطون والمقاومون عن حقهّم بالحياة والكرامة في غزّة وفلسطين ولبنان مع الدواعش و الارهابين الذين ذبحوا وقتلوا و اغتصبوا من اجل الخلافة الإسلامية ؟
شُكرا لغزّة الشهادة و الصمود و النصر و العزّة ،و التي قدمّت نموذجاً للأسلام المقاوم و المدافع عن الحق . الصورة التي سوقتهّا غزّة بصمودها وصبرها واستبسال مقاتليها وشعبها للعالم هي ليست صورة ارهاب ،بل صورة مقاومة ،هكذا فهمها الرأي العام وفي كل مكان . تشير دراسات و تحقيقات إعلامية عن ذهول و اعجاب شعوب العالم بصبر و بثبات اهل غزة و بقاءهم ،رغم الابادة الجماعية التي يتعرضون لها ، فيبطلُ عجبهم حين يدركون ان سبب قوة وصبر وثبات اهل غزّة هو إيمانهم و اسلامهم ، و استعانتهم بالله وبالصبر . هذا ما قدّمه إسلام المقاومة للعالم ، صرخة المقاتل الغزاوي بعبارة ” الله اكبر ” حين يرمي عدوه ،هي ليست ذات ” الله اكبر ” التي ينطقها زوراً الدواعش و اتباعهم حين يجّزون رأس إنسان برئ .
إسلام داعش و الإرهاب ،وصناعته أمريكية اسرائيلية،جعلت شعوب العالم تتوجس من الإسلام ،و إسلام غزّة ومصدره الايمان و القرآن والحق والعدالة و النضال جعلَ الكثير من غير المسلمين يعتنقون الاسلام .