المقاصدُ الضائعة..في الأغلاطِ الشائعة (41)

منذ 3 سنوات
الأحد - 05 مايو 2024


إعـداد : محمد الجاسم ||

” تَعَلَّموا العربيَّةَ.. وعَلِّمُوها النـاسَ” ـ حديثٌ شريف
تزخرُ لغتُنا العربيةُ المعاصرة بكمٍّ هائلٍ من كلماتٍ دخيلةٍ أو مغلوطةٍ أو محـرَّفةٍ . وبمرورِ الزمنِ والتداولِ اليوميِّ على الألسنِ وفي الكتب الرسمية والمخاطبات العامة ووسائل الإعلام والصِّحافة والرسائل الجامعية ومنجزات المبدعين الأدبية ويافطات أسماء الدوائر والمحالّ التجارية وعيادات الأطباء وغيرها، قد تسللت إلى لغتنا خلسة، حتى أصبحت من فرط تناقلها واستخدامها شائعةً ومقبولةً لدى القارئ والسامع ، ورسخت في الأذهان وانطلت على المتداولين إلا لذوي التخصص، فأمست المقاصدُ ضائعة ، في خضمِّ الأغلاطِ الشائعة.
لذلك أعددت لكم أحبتي ـ لمناسبة شهر رمضان المبارك من العام 1442ـ ثلاثين حلقة جديدة من سلسلة تصويباتٍ منتخبة، امتداداً لحلقات رمضان العام 1441، واستكمالاً لعمودي اللغوي الذي واظبت على تحريره زمناً في صحيفة (المصور العربي) التي أصدرَتْها جمعيةُ المصورين العراقيين في بغداد أواسطَ ونهايةَ التسعينات من القرن العشرين تحت عنوان (إضاءةٌ في التراث).
(41)
غيابُ الحنكةِ والتدبير.. في مخاطباتِ السيدِ الوزير!
حلقةٌ خاصةٌ بكتابِ وزيرِ الثقافةِ المعنونِ الى وزارة الخارجية ـ دائرة أوروبا ،بخصوص دعم الشاعر سعدي يوسف، الذي وردت فيه بضعة أغلاط ،لا تليق بوزارة معرفية ،مثل وزارة الثقافة والسياحة والآثار، في عراق المتنبي والجاحظ والفراهيدي والدؤلي وابن جنّي.
ـ ( جَمهورية العراق) لماذا فتحتَ جيم الجُمهورية أيها الوزير، وهي التي كانت مضمومةً طيلة حياتها..(الجُمهورية ) نسبة الى (جُمهور)..قال الشاعر (صريع الغواني :
” مَنَحوا العَدُوَّ مَعَ الصَوارِمِ وَالقَنى … جُمهورَ خَيلٍ خَلفَها جُمهورُ “
ـ الكتاب معنون الى (دائرة أوروبا) في وزارة الخارجية.. وهذا غلط، الصحيح، واللياقة الإدارية تتطلب ان يفاتح الوزارةَ مباشرة، وهي مسؤولة أن تعالجه من خلال الدائرة المعنية.
ـ (تُهديكم هذه الوزارة أطيب التحايا )..أهدى الهديَ الى الحرمِ ..أهدى العروس الى بعلها.. أهدى الزهور الى الفائز. وبذلك يتعدى الفعل (أهدى) الى مفعولين، الأولِ مفعولٍ به صحيح.. والثاني مجرورٍ بحرف الجر (الى).
قال أمير الفصاحة والبيان والتبيين علي بن أبي طالب :
” رَحِمَ الله امرَءاً أهدى إليَّ عيوبي.”
ـ تُهديكم (هذه الوزارة) ، أية وزارة التي تُهدي.. دون أن يذكرها بالاسم..؟
ـ التحايا .. ليست فصيحة.. الصحيح ( التَّحِيَّات )، قال الشاعر الصنوبري:
” حَيِّ ولا تسأم التحيّاتِ … وناجِ ما اسْطَعْتَ من مُناجاةِ “
ـ ( م/ الشاعر سعدي يوسف ) ..لم نألف في المخاطبات الرسمية أن يكون الموضوع (عنوان المتن) اسماً .. يُفترض أن يكون موضوعاً.. مثل ..( م/ رعاية شاعر ) أو ( م/ تكريم شاعر ) أو سواها من العبارات.
ـ ( نشير عنايتَكم ) غلط واضح، لأن الفعلَ الرباعيَّ (أشار) فعلٌ لازمٌ، فكيف يتعدى الى ( عنايتَكم)؟؟ .. قال الشاعر عبد الغفار الأخرس :
” وإنَّ مُشيراً قد أشارَ بما رأى ….. مُشيرٌ لَعَمْرِي في الحقيقةِ ناصِحُ “
ـ ( حول دخول الشاعر العراقي سعدي يوسف الى إحدى مستشفيات لندن)..هل يُعْقَلُ أن يَلْحَقَ الفعلُ بحرفِ جرِّ ليتعدى الى مفعولٍ به.. وهو متعدٍّ بنفسه أصلاً، ولاحاجة له بحرف الجر.. كان على السيد الوزير أن يقول ( دخوله المستشفى) وحسب.
ـ هل تقبلون أن يحوِّلَ (المُسْتَشْفَى) وهو اسمُ مكانٍ مذكَّرٌ للاستشفاء ..الى مؤنث.. فيقولَ (إحدى المستشفيات ) بدل أن يقول ( أحد المستشفيات ).؟؟
نكتفي ـ درءاً للملل ـ بهذا القدر من كشف مغالطات كتاب وزير الثقافة والسياحة والآثار، في عراق المتنبي والجاحظ والفراهيدي والدؤلي وابن جنّي، لنُرجِئَ ما تبقّى من الأغلاط اللغوية في هذا الكتاب المعيب الى حلقة يوم غد..

ورُبَّ قول ..أنفذُ مِنْ صَوْل..