الثلاثاء - 30 ابريل 2024

يوم القدس العالمي وواقع التغريب العربي..!

منذ 4 أسابيع

منتصر الجلي / اليمن ||

 

4أبريل 2024.

تحِلُّ علينا الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وتحل معها مناسبة عظيمة، لطالما وقفت أصوات أحرار الأمة على وقعها وما تعنيه مُذ دعا إليها الإمام الخميني الراحل ” قدس” عقب الثورة الإيرانية.

نتحدث عن يوم القدس العالمي، وما يمثله من يقظة لشعوب الأمة، وإحياء لقضية فلسطين الأولى والمركزية للإسلام والمسلمين.

لعل المشهد لواقع الأمة خلال هذا العام ومتغيرات المنطقة والقضية الفلسطينية ملف ساخن بين الشرق العربي والغرب، خصوصا وأن هذا اليوم يدعو للنفير والعودة للقضية بكل جدية وإدراك واع، مع فضاعة الإجرام الوحشي الذي يرتكبه العدو الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة قطاع غزة، من جرائم لم تشهدها العالميتين قط؛ أمام واقع الإجرام الصهيوني، بحق أبناء القطاع والشعب الفلسطيني، يطل هذا اليوم يلهم الشعوب ينبه بقايا العروبة في مواطن أهلها، شعوب وحكومات، سلطات وممالك، دول التطبيع والغفلة عما يحدث من جرائم ووحشية أحرق لها أحرار الغرب لها أنفسهم ولم يتحرك ضمير الإنسانية العربي!

مع التحرج الذي قد يصيب المرء حين يتحدث عن “إنسانية العرب ! ”
عن أي إنسانية يمكن الحديث!
كلا، لا إنسانية، لا دين، لا قرأن، لا منهجية، أو شرائع سماوية، جميعها احترقت مع أشلاء الغزيين الذين صاروا في خانة الأموات بما يعادل ربع سكان غزة؛

ستة أشهر بل ستة فصول دموية يرقص على أشلاءها الغرب، بدءًا بأمريكا والعدو الصهيوني وما تلاهما من قوى غربية تحكم توجهاتها الصيونية، عالم من المعايير المفلسة، وعرب من القيم النتنة، وشعوب طغى على معظمها المال وعيش الدواب، وعلماء ابتلعت ألسنتهم سياط السلاطين وأهواء الترفيه، وفتاوى التكفير…..ألخ.

واقع يقف المرء أمامه خجلا مذعورا مما يحصل لأمة الإسلام!

تلك الدماء وذلك الإجرام هي نكاية الأمة بكلها.. ليست مصر الكنانة بمنأى عنها، أو ممكلة التطبيع الأولى الأردن الأموية، أو الشقيقة الكبرى السعودية، أو دويلة العهر الإمارات النازية، جميعها دول ستشهد أيام الدهر أن إسرائيل ستسقيهم من كأس غزة نفسه، ذكرى للذاكرين والأيام دول.

إن يوم القدس العالمي يوم لصحوة الضمير العالمي للألتفات حول مظلومية الإنسان؛ القضية الفلسطينية، تلك القضية التي صارت قبلة للأحرار ومنسكا للأولياء وسبيل القاصدين للمقامات الخالدة في الدنيا والأخرة، ليس بمعزل عنها أي إنسان عربي وغربي، عدا من أصابهم داء الصهيونية من اليهود حول أقطار العالم، أفرادا وجماعات من أهل المشرق والمغرب.

في مثل هذا اليوم يصدح صوت الضمائر الحرة، بالعودة الحقيقة للقضية المركزية، في المقابل تخنع أصوات التطبيع وذباب الأعداء.

يوم القدس العالمي، فضيحة لتلك الأقلام المأجورة، والأبواق السامة، يوم يفضح العلماء وما يعبدون، والساسة وما يخططون، والأنظمة وما يتزعمون، يوم تتجلى فيه مواضع الأقدام، ودسائس الأحزاب والجماعات والمسميات، يوم تتضح من خلاله كل تلك الدعاوى والحجج، وما يأتمرون حول القضية الفلسطينة.

وهنا تتجلى المواقف، وهل سيخرج زعماء وحكومات العرب في هذا اليوم بموقف يزيل عنهم ظن التهمة أو تردد التُقية، في إعلان موقفا حاسما من القضية الفلسطينة؟
وفي صف من يقفون؟

والمواقف برهان التوجه والإرادة، رغم أن ذلك يستحيل عنهم لموانع يعرفها الرضيع في مهده !؟
من إرادة سلبت منهم، وحرية نزعت عن قلوبهم، وذل أصابهم، وعلاقات يخشون كسادها… جميعها لضرب الأمة من الداخل وقد فعلوا، فعلوا تدجينا، فعلوا تكفيرا، فعلوا ذلا وخوفا، فعلوا ببيع للأوطان والمقدرات، في خوف وتسلط قيدوا به الشعوب.

هذه الشعوب التي تتلوا القرآن في هذه الليال المباركة وتمر على آيات الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصرة المظلوم والتعريف باليهود وإجرامهم، تلك الشعوب التي لم تحركها الدماء لتنهض في وجه حكوماتها وقادتها وزعماءها الأذلاء؛

تلك الشعوب التي تناشدهم غزة  ب” شربة ماء” فلم يسقوهم، “وقصعة خبز” فلم يطعموهم، من نادى لهم الطفل والثكلى، وسمعهم العالم ينادون ” يا عرب”

وهنا كانت فاجعة الشعوب!

نيام وموتى، خجل أهل غزة من مواقفكم وندموا أن نادوا ذات يوم على أسمائكم، فرأوا جوعهم شرف، وظمأهم كرامة، ودمائهم عظمة، فعزموا على الصبر وأيقنوا بحتمية الوحدة، عدا شعوب قليلة هي من أجابت ولبت، فكان اليمن قائد المظلومية وشعب الحرية، وسلاح المقاومة الأقوى، غيَّر المعادلة، ضرب أمريكا، وأحرق بريطانيا، حاصر كيان العدو، فمثل هذا الشعب مركزية الأمة في مسؤوليتها وإسلامها وأخلاقها.

نعم.. أيتها الشعوب العربية، شعب، شعب..

استيقظوا.. عودوا إلى مجد العزة والكرامة،.. قسمي عليكم ألا تقرأوا كتاب الله حتى تتطهروا، ألا وإن طهارتكم في جهادكم لعدوكم، وتحرير فلسطين، ألستم من كنتم ترددون خلف المعلم كل صباح أهازيج وأشعار الفداء والوحدة :
بلاد العُرب أوطان
من الشامِ لبغداد
ومن نجدِ إلى يمن
إلى مصر فتطوانِ

بلاد العُرب أوطاني…

أي بلاد بحق السماء كنتم تقصدون؟
وأي أوطان بحق لله كنتم تنادون؟

جميعها تلاشت أمام غزة هاشم.
تقزمت الأوطان، وتمزقت الأخوة، ولعب اليهود بكل رقعة من بلادكم العربية!

أنشدتم لها ذات يوم  “الضمير العربي” أين اليوم من الأمس، أين  تلك الضمائر من فُرقة الأمر وشتات الرأي؟ تركوا إخوانهم جوعى وقتلى تنهش أجسادهم ضباح الفلاة كلاب صهيون؟

ألم يناديكم شعراء فلسطين ذات يوم:

أمتي هل لكِ بين الأممُ
منبرا للسيف أو للقلمُ

والحسرة ضاع النداء في فضاء التغريب العربي، فلا قلم أو سيف، وليتكم ملكتم  أحدهما في وجه أعدائكم لعل الحال كان أفضل!

عن أي وحدة عربية يمكن أن تتسمى بها أجيالكم؟

وقد أصبح عار العروبة يلاحقهم جيل عن جيل، تلاحقهم كرامة عربية خُدشت ودماء عربية سفكت…،

يلاحقهم  عار الخذلان وعار الدونية بين شعوب العالم للأسف.

تعجز الكلمات عن أن تقرع مغالق قلوب خُتم عليها اسم الشيطان وارتفع عنها ذكر الرحمن، أن تهتدٍ أو تسمع لمنادِ ينادي يال المسلمين.

يوم القدس يوم لتعود شعوب أمتنا إلى مركزية القضية ووحدتها، وصحوة الضمير.

وتمنع الإجرام وتنصر المظلوم.. عدا هذا فلا بقيت أمة ولا أبقى الله لها ذكرا في العالمين.