الثلاثاء - 30 ابريل 2024
إيزابيل بنيامين ماما آشوري ||
سمعت أحد مشايخ الشيعة (الصرخي) في فيديو مسجل يقول بأن القبر في النجف ليس للإمام علي بل للمغيرة بن شعبة.
مقدما أقول : نظرة خاطفة لقبور احفاد النبي محمد في البقيع، تعكس لك حقيقة البغض الذي يكنّهُ خصومهم لهم إلى يوم القيامة.ولكن العجب هو أنك ترى هذا البغض يصدر ممن يزعم أنه من شيعة علي. والانكى من ذلك ترى شريحة طويلة عريضة من الشيعة تركض وراء هذا الدعي.
بما انكم تعملون في حرم القديس علي ابن ابي طالب سأحكي لكم هذه الحكاية التي حصلت قبل يومين ، ولكني لا انشرها لأنك تعلم اذواق الناس وثقافتهم وحبهم وبغضهم . قبل يومين التقيت بكبير بطارقة الكنيسة الكلدانية الاشورية الأب حنا سمير تلكيفي لأنه من منطقتنا ويعرف والدي وخالي القسيس يعمل عنده مدير عام المشاريع اللاهوتية في المعهد. فسألته عن سر وضعه لصورة ضريح القديس علي ابن ابي طالب في مكتبه؟ وزياراته المتكررة كل شهرين او ثلاث للضريح حيث يرتدي الملابس المصلاوية ويقف خلف السور ويقضي نهاره هناك ثم يبات في فندق معين ويعود في اليوم التالي.
فقال : بالأول يجب ان تفهمي ان حول قبر القديس علي ابن ابي طالب كانت كنائس لخيار قساوسة ورهبان المسيحية الذين هربوا من الدولة الرومانية ولجئوا إلى هذا المكان وقد تم الكشف مؤخرا عن بعض هذه الكنائس وأنا زرت آثارها الباقية.
الثاني : ان ما مكتوب عندنا هو أن في هذا المكان قبر إيليا وحوله الكثير من قبور الانبياء القدماء مثل هود ، وصالح ، ونوح وغيرهم فهذه المنطقة تعج بأنبيائنا وهي كوثي التي نعرفها.
فقلت له : ولكن احد علمائهم قال قبل اسبوع او اكثر بأن هذا ليس قبر إيليا (علي ابن ابي طالب). بل قبر صحابي اسمه المغيرة بن شعبة. فضحك وقال : أولا أن وجود القبر في هذا المكان البعيد عن العمران وسط صحراء قاحلة يدل على أن صاحبه اختاره بعناية بعيدا عن اعين اعدائه . فمحال ان يكون قبر المغيرة بن شعبة الذي توفي في الكوفة وكان شخصية كبيرة من شخصيات السلطة الأموية ، والأمويين يحبوه جدا ، لأن المغيرة افتى بنبش قبر النبي فمن المحال ان يُدفن في هذا المكان القاحل ثم يُخفى قبره طيلة مئات السنين والحكم الاموي في اوج قوته .ولكن أعداء علي ابن ابي طالب لم يجدوا شخصية غير محترمة يرموه بها سوى المغيرة بن شعبة صاحب الزانية ام جميل بنت عمرو، فزعموا انه مدفون هناك للإساءة لعلي ابن ابي طالب. وأعداء علي ابن ابي طالب لم يُشككوا بقبره فقط ، بل لازالوا يُشككون بقبر محمد فيقولون هذا ليس قبره.ولولا ان قبر ابو بكر وعمر فيه لهدموه منذ زمان.
الأمر الآخر: هو أن علي ابن ابي طالب كان اشهر شخصية اسلامية نادرة الوجود وهو الثاني بالتأثير في الاسلام بعد الرسول ، فكيف لم يظهر له قبر آخر في مكان آخر. فلو علم المحبين لعلي ان له قبر آخر لأظهروه وقدسوه مع علمنا باعتناء الشيعة بقبور الائمة بشكل خاص، ولذلك ترين عدم وجود قبر لإمامهم الثاني عشر لعلمهم بأنه حي . ولكن اعداء علي والمحبين للمغيرة من الأمويين لما ضاع قبر المغيرة في الكوفة بعد نبش قبور الامويين وهدمها وإحراق بقاياها من قبل العباسيين ، عمدوا إلى اشاعة كذبة قبر المغيرة انتشرت بين اعداء علي خاصة.
فقلت هل هناك دليل مادي او حسي يدل على ان هذه القبر في النجف يعود للقديس علي .
قال:
اولا ان اجماع السنة والشيعة والمسيحيين على ان هذه القبر هو قبر القديس علي ، إلا من شذ ممن لا قيمة له.
والثاني : هذا مخطوط اضرحة القديسين للكنيسة الاشورية ، يذكر ان المدفون في هذا المكان هو إيليا وتاريخ تدوين هذه المعلومة يعود لسبعمائة سنة اي في زمن الدولة العباسية وهذا يدفعنا للشك بأنه قبر اسلامي حيث اختلط على القساوسة اسم علي وإيليا . ولكن من المؤكد أن هناك قبر لإيليا في فلسطين وقبر له في الشام . وأنا سألت الحبر الاقدس عن ذلك فقال : ان بعض المسيحيين القدماء توهموا أن قبر علي هو قبر إيليا نظرا لإحاطة انبياء الكتاب المقدس بالمكان. فهو قبر اسلامي ولكن من المؤكد عندنا في المسيحية إن اسم إيليا عند المسلمين هو إلياس وقبر إيليا او الياس موجود ظاهر في البقاع اللبناني حيث يوجد قبره في دير في بعلبك، وانا زرته مرات ومرات .
يضاف إلى ذلك وجود أخبار كثيرة عند أهل السنة تفيد أن قبر المغيرة بن شعبة إنما هو في الثوية موضع بالكوفة به قبر أبي موسى الأشعري، والمغيرة بن شعبة. وقد نبشهما العباسيون ضمن بقية قبور الامويين. وأنا شخصيا قرأت ردا لسبط بن الجوزي في تذكرة الخواص في معرض رده على حكاية ابي نعيم الاصفهاني بأن المغيرة مدفون بالنجف . فقال إن هذا من أغلاط أبي نعيم فان المغيرة لم يعرف له قبر وقيل أنه مات بالشام.وقد ذكر أيضا الرحالة ابن بطوطة بأن هذا قبر القديس علي ابن ابي طالب وتجري فيه كرامات كثيرة وقد شاهدها بعينه وشهد عليها.
ولو عرف ابن بطوطة انه قبر المغيرة ، لكتب ذلك.
فقلت سبحان الرب . قسيس مسيحي يؤمن بأن هذا قبر القديس علي ابن ابي طالب . وشيخ عالم شيعي (الصرخي) يقول انه قبر المغيرة؟ هذا من اعاجيب الدهر. ثم التفت الاب الأقدس لي وقال : انصحك بقراءة كتاب (المختار في كشف الأسرار للمؤلف الجوبري). ففيه تجدين معلومات عن مدفن وقبر إيليا.
ملاحظة : في الأدبيات اليهودية والمسيحية فإن إيليا لم يمت بل لازال حيا. وقيل أنه ملكي صادوق الذي لا بداية له ولا نهاية.