الثلاثاء - 22 اكتوبر 2024

فشل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج في مواجهة محور المقاومة الشيعي..!

منذ 4 أيام
الثلاثاء - 22 اكتوبر 2024

✍نزار الحبيب ||

 

فشل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج في مواجهة محور المقاومة الشيعي: منظور استراتيجي وتكتيكي وإعلامي

على مدى العقود الأخيرة، شكل “محور المقاومة” المكون أساسًا من إيران وحلفائها في المنطقة مثل حزب الله في لبنان، وحركات المقاومة في العراق وسوريا واليمن، تحديًا استراتيجيًا كبيرًا للولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول الخليج. تلك الدول تبنت استراتيجيات تهدف إلى الحد من نفوذ هذا المحور، سواء من خلال الضغط العسكري، الاقتصادي، أو الإعلامي. إلا أن هناك إشارات قوية على أن هذه الجهود لم تحقق النتائج المرجوة، سواء من الناحية الاستراتيجية أو التكتيكية أو الإعلامية.

البعد الاستراتيجي: فشل الاحتواء

من الناحية الاستراتيجية، كانت الولايات المتحدة وإسرائيل، بمشاركة بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات، تسعى لاحتواء النفوذ الإيراني والشيعي في المنطقة من خلال سياسات متعددة، منها العقوبات الاقتصادية، دعم حركات معارضة، والتدخل العسكري المباشر وغير المباشر. الحرب في اليمن، الضغوط الاقتصادية على إيران، والتدخل الإسرائيلي ضد حزب الله وإيران في سوريا كانت أمثلة على هذه الجهود.

ومع ذلك، نجح محور المقاومة في تعزيز مواقعه. إيران واصلت دعم حلفائها في العراق وسوريا واليمن رغم العقوبات الدولية، واستمرت في تطوير قدراتها النووية والعسكرية. حزب الله في لبنان ما زال يشكل قوة عسكرية وسياسية كبيرة في البلاد، بينما الحوثيون في اليمن أصبحوا لاعبًا رئيسيًا في الصراع مع التحالف الذي تقوده السعودية.

من الواضح أن الاستراتيجية التي اتبعتها هذه الدول فشلت في تقليص نفوذ محور المقاومة بشكل فعّال. على العكس، أدت بعض هذه التحركات إلى تقوية الشعور بالمظلومية لدى المحور، مما عزز من ترابطه وتعاونه في مواجهة هذه الضغوط.

التكتيكات العسكرية والأمنية: مفاجآت المقاومة

على الصعيد التكتيكي، استخدم محور المقاومة استراتيجيات حرب غير تقليدية، حيث اعتمدت على تكتيكات حروب العصابات، استخدام الطائرات بدون طيار، والهجمات الصاروخية الدقيقة. هذه الأساليب وضعت قوات التحالف الغربي والخليجي في مواقف صعبة.

في العراق وسوريا، فشلت الجهود العسكرية الأمريكية والإسرائيلية في تقويض قوة الفصائل المدعومة من إيران. بل إن الحشد الشعبي في العراق تحول إلى قوة سياسية وعسكرية هائلة لا يمكن تجاوزها. في لبنان، كل محاولات إضعاف حزب الله إما بالضغوط السياسية أو الاقتصادية أو بالعمليات العسكرية لم تنجح في كسر نفوذه.

كما أن الحوثيين في اليمن، رغم القصف الجوي والحصار المستمر، أظهروا قدرة كبيرة على مقاومة التحالف الذي تقوده السعودية. تطور تكتيكاتهم العسكرية من إطلاق الصواريخ إلى استخدام الطائرات المسيرة، إضافة إلى استمرارهم في استهداف المنشآت الحيوية داخل السعودية والإمارات، يعتبر دليلاً على فشل التحالف في تحقيق أهدافه.

الفشل الإعلامي: معركة السرديات

إلى جانب الفشل الاستراتيجي والتكتيكي، يظهر الفشل الإعلامي كجزء رئيسي من إخفاقات التحالف الأمريكي-الخليجي-الإسرائيلي في مواجهة محور المقاومة. لقد اعتمد هذا التحالف بشكل كبير على السرديات الإعلامية لتصوير محور المقاومة كعنصر مهدد للاستقرار في المنطقة. إلا أن الإعلام التابع لمحور المقاومة، سواء من خلال شبكات مثل “الميادين” أو “العالم” أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي، تمكن من تشكيل سردية مضادة نجحت في كسب قلوب وعقول الكثيرين في العالم العربي والإسلامي.

حزب الله، على سبيل المثال، استطاع تحويل عملياته العسكرية إلى قصص نجاح إعلامية تعزز صورته كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. إيران استخدمت الإعلام بمهارة لتسويق نفسها كقوة إقليمية تدافع عن “المستضعفين” في مواجهة “الاستكبار العالمي”، مما جعل خطابها يتردد صداه في أوساط مختلفة من المجتمعات العربية والإسلامية.

الإعلام الخليجي، رغم قدراته المالية الكبيرة، لم ينجح في تقديم سردية قوية تواجه هذا النفوذ الإعلامي لمحور المقاومة. بل على العكس، أحيانًا كانت بعض التحركات الإعلامية تأتي بنتائج عكسية، كما في حالة الحرب في اليمن، حيث تعرضت دول التحالف الخليجي لانتقادات واسعة بسبب الأوضاع الإنسانية المتدهورة.

من الواضح أن الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول الخليج واجهت صعوبات كبيرة على المستويات الاستراتيجية والتكتيكية والإعلامية في مواجهة محور المقاومة الشيعي. على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت على مدار سنوات طويلة، لا يزال هذا المحور يشكل تحديًا كبيرًا ويبدو أنه يتمتع بمرونة وقدرة على التكيف مع الضغوط.

الفشل في احتواء نفوذ إيران وحلفائها، والتحديات التكتيكية في المواجهات العسكرية، والفشل الإعلامي في مواجهة السرديات المضادة، كلها عوامل تشير إلى أن مواجهة محور المقاومة تتطلب إعادة تقييم عميقة للاستراتيجيات المتبعة.