الثلاثاء - 22 اكتوبر 2024
منذ 4 ساعات
الثلاثاء - 22 اكتوبر 2024

أمين السكافي ـ لبنان ||

نتكلم اليوم في معنى الكلمة ومتى وكيف وأين ولماذا تقال وما يترتب على إلقائها من ردة فعل سيئة أو حسنة وكم يلزم من إنسان لإنسان من وقت حتى يخرجها من فمه لتصل إلى آذان الآخرين ،

الكلمة بشموليتها فلسفة خاصة لا تقتصر على موقع أو موضع بعينه بل تتعداها لمختلف أمور الحياة وطبعا لن نستطيع أن نحيط بكل معاني الكلمة وبكل جوانبها ولكننا سنناقشها ببضعة جوانب .

أولا الكلمة في العطاء بشموليته مثلا عندما يأتيك سائل فما هي الكلمة التي تخرج من فمك إن كانت برفض المساعدة أو أنك تلبي حاجته من غير إساءة أو أن تمننه فهنا يرشدنا الله بقوله

۞ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾

فهنا يقول الله سبحانه وتعالى بأن كلمة طيبة تخرج من فمك خير وأفضل من صدقة قد تتبعها بكلام مؤذي أو تذل به السائل أو تعتبر إهانة لأن فلسفة العطاء تبدأ بالكلمة وتنتهي بالكلمة فكما السائل الذي إضطرته الأيام للسؤال فأنت بحاجة له ولسؤاله بقدر أكبر مما يحتاجك هو فالسائل هنا قد يحصل منك على بعض النقود حسب إستطاعتك ولكن أنت ترجوا من خلاله رضى رب العالمين فبهذا تكون أنت المحتاج إليه أكثر من حاجته لك .

ثانيا ردة فعلك قد تختلف من شخص لشخص وأحيانا كثيرة بحسب حالته المزاجية أو أن يقرر سلفا وبحسب تحليله أن هذا السائل غير صادق في سؤاله فهنا نقول وقد يكون حديثا مرويا عن النبي لو صدق السائل لهلك المسوؤل بمعنى أنك لم تشق على قلبه لتعرف إن كان بحاجة أو لم يكن ولذلك الأفضل لك أن تشتري مرضاة الله بصدقة ،

أمر آخر مجرد فكرة السؤال هي مذلة للسائل حتى لو كان كاذبا فالسؤال يضعك في موقف لا نتمناه لأحد ويعرضك لتطلب وقد يجاب طلبك وقد لا يجاب فهذه بحد ذاتها مذلة للطالب.

ثالثا في العلافات بين البشر يأتي دور الكلمة إن كان للمعرفة أو لإصلاح ذات البين أو تبيان شخصيتك للآخرين أو كي يتعرف الناس بعضهم على بعض من خلال الحوار بينهم فكما قال سقراط لأحدهم تكلم حتى أراك أي أن كلامك معي هو ما سيحدد نظرتي لشخصك ومن تكون وكما وصف الله الكلمة:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)}

فهنا يوجهنا الله لما فيه خير البشر إذ جعلت الكلمة الطيبة مفتاح القلوب التي تؤتي أكلها كل حين بمعنى أن الكلام الجميل يترك في النفس أثرا لا يزول .

رابعا تعاطيك مع من تحب من أرحامك وأهلك وصحبك فالعطاء المادي وحده لا يكفي فالأصل أن يكون العطاء المعنوي هو المقدم على العطاء المادي بالكلمة الطيبة أو الحديث الحسن وأن لا تشعرهم للحظة بأن لك المنة في ما تقدم وأن تتنبه لحساسية من تقدم له لأنه في موقع الأخذ فأي كلمة أو همسة أو إشارة قد يساء تفسيرها فعليك بالحرص الشديد لكيفية التعامل مع من تحب ويحبك وخصوصا في العلاقة المالية فقد تكون كلمة منك غير مقصودة السبب في النفور أو التحسس ولا يجب عليك إنتظاره ليطلب بل الأصل أن تكون مبادرا حتى لا تشعره بحاجته للطلب وخاصة إن كان من الأرحام كالأب والأم والجد والجدة والإخوة والأخوات والعمات والخالات وبقية الأقرباء. خامسا إستعمال الكلمة ولو كذبا في بعض المواضع.

وهي ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرًا وينمي خيرًا وقالت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها:

«لم أسمع النبي ﷺ يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها». وهنا تأتي الكلمة لتلعب الدور الأكبر في إصلاح ذات البين لدرجة أن يشرعها نبي الله (ص).

سادسا ونأتي لربما أجمل ما قيل ووصفت به الكلمة حوار سبط الرسول مع الوليد : نحن لا نطلب إلا كلمة

فلتقل : ” بايعت ” واذهب بسلام لجموع الفقراء
‎فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنا للدماء
‎فلتقلها.. آه ما أيسرها.. إن هي إلا كلمة
‎الحسين : ( منتقضا ) كبرت كلمة !
‎وهل البيعة إلا كلمة ؟
‎ما دين المرء سوى كلمة
‎ما شرف الرجل سوى كلمة
‎ما شرف الله سوى كلمة
‎ابن مروان : ( بغلظة ) فقل الكلمة واذهب عنا
‎الحسين : أتعرف ما معنى الكلمة…؟
‎مفتاح الجنة في كلمة
‎دخول النار على كلمة
‎وقضاء الله هو الكلمة
‎الكلمة لو تعرف حرمة
‎زاد مذخور
‎الكلمة نور
‎وبعض الكلمات قبور
‎بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى
‎الكلمة فرقان بين نبي وبغى
‎بالكلمة تنكشف الغمة
‎الكلمة نور
‎ودليل تتبعه الأمة
‎عيسى ما كان سوى كلمة
‎أَضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين
‎فساروا يهدون العالم !
‎الكلمة زلزلت الظالم
‎الكلمة حصن الحرية
‎إن الكلمة مسئولية
‎إن الرجل هو الكلمة
‎شرف الرجل هو الكلمة
‎شرف الله هو الكلمة
‎ابن الحكم : وإذن ؟!
‎الحسين : لا رد لدى لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة
‎الوليد : قد بايع كل الناس يزيدا
‎إلا أنت.. فبايعه
‎الحسين : ولو وضعوا بيدي الشمس.. !
‎ابن مروان : فلتقتله.. اقتله بقول الله تعالى..
‎ابحث عن آية..
‎أقتله بقول رسول الله
‎فيمن خرج عن الإجماع
‎الحسين : أتقتلني يا ابن الزرقاء بقولة جدي فيمن نافق ؟
‎أتزيف في كلمات رسول الله أمامي يا أحمق
‎أتقتلني يا شر الخلق ؟
‎أتؤول في كلمات الله لتجعلها سوط عذاب
‎تشرعه فوق امرئ صدق ؟

٢٢-١٠-٢٠٢٤