الثلاثاء - 30 ابريل 2024

التطرف في طبيعة المجتمع العراقي

منذ سنتين
الثلاثاء - 30 ابريل 2024


د بلال الخليفة ||

التطرف صفة خطيرة تعاني منها المجتمعات بصورة عامة وقد يكون التطرف باتجاه التطرف العقائدي والمناطقي والقومي والاجتماعي والعشائري، ان التطرف يأخذ سلوكيات مختلفة واتجاهات أكثر اختلافا، ان التطرف الديني هو من أكبر الازمات التي واجهها المجتمع العربي بصورة عامة والمجتمع العراقي بصورة خاصة حيث لا يمكن حصره بجهة معينة او فئة معينة ومنطقة معينة.
كما ظهر أخيرا، وبوجود الديمقراطية وما ينتج عنها من تعدد الأحزاب التي هي يجب ان تكون حاله صحية وطبيعية للنظام الديمقراطي، وجود تطرف حزبي لدى المنتمين اليه، فهم يجعلون من حزبهم هو الحزب الوحيد الوطني واما الاخرين فهم خونة ولديهم اجندات خارجية، وكذلك ينظرون الى زعيم حزبهم هو الوطني والشريف الوحيد في العملية السياسية، والبقية هم فاسدين ومخربين وتابعين لدول خارجية.
يأخذ التطرف أنماط مختلفة والذي أشرنا الية هو أحد تلك الأنماط، لكن الغريب بالموضوع هو ان يصل التطرف الى الجهات التي تدعي الثقافة والعلم، وهنا أحببت ان اشير لحالتين من حالات التطرف في الادب وهما ابيات شعر لشاعرين عملاقين وكبيرين وهما يصفان الطاغية صدام، الأول هو الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد وهو يصف صدام حسين ويقول:
يا أيها اللا أسمي كلَّ مكرمة
باسم فماذا يسمى جمعها الغضرُ
إلا إذا قلت : يا صدامُ حينئذ
أكون سمّيتها جمعاً .. وأعتذرُ
ومعنى اني اذا اردت مديح شخص بكل معاني المديح واردت ان اجمعها بكلمة واحدة، فاني أقول عنها صدام، أي ان كلمة صدام هي جامعة لكل معاني الخير والمديح.
الشاعر الاخر وهو الكبير الراحل مظفر النواب، في احد ابياته وهو يذم صدام ويقول:
صدام يا وسخ الدنيا برمتها
يكاد يخجل منك العار واللؤم
فيا ابن اب نذل وواحدة
حليبها دون كل المرضعات دم
الأول ذهب في اقصى اليمين والأخر في اقصى الشمال في مديح الطاغية صدام وهذا من حق الطرفين في التعبير عما يجول في خاطرهما وعما عاناه منه، لكن المهم هنا ان الطرفين هما نموذج للتطرف الفكري وهنا الادبي في شخصية الفرد العراقي.
ولنا ان نقيس التطرف في المجالات الأخرى التي هي اشد خطرا على المجتمع العراقي وهما التطرف الديني والتطرف السياسي، حيث بلغ الامر ان الاختلاف في وجهة نظر مع سياسي قد يصل الاتهام الى القتل وعلى اقل تقدير ان تتهم بانك ابن زنى.
ان الشاعران هما قامتان كبيرتان لكن رغم ذلك ان الموقف تجاه وطنهم كبير، فالاول يمتدح طاغية والآخر يهجوه، ومن عاش تلك الحقبة لا يستسيغ او لا يحتمل ان يسمع مديح لذلك الطاغية.