الأحد - 28 ابريل 2024

في ذكرى انتقاضة السماء.. آذار الثورة والالم والوجع ١٩٩١ ..

منذ سنة واحدة
الأحد - 28 ابريل 2024

د. هاتف الركابي ||

وأنا أمشي مساء ليلة البارحة مكتظاً بالأسئلة ، وفي منتصف الليل عندما نامت العيون في الجادرية أمام مؤسسة السجناء ؛ اثار انتباهي شيبة ينامون ويفترشون الارض ويلتحفون السماء ، وقد بان التعب على وجوههم الكالحة التي أنهكتها الأيام وعذابات الليالي الغريبة ،، وبعد السؤال تبين أنهم ليوث الهيجاء من أبطال انتفاضة ١٩٩١ ؛ أنهم جميعا ينحدرون من البقعة ( المباركة ) بين حقول النفط في الوادي المقدس في سومر الجنوب ،، وأن من يمثلهم وساستهم انتقلوا من بيوت الطين والصفيح الى البيوت العاجية والڤلل الفارهة ..
أوقدت معهم ( ٣١ ) شمعةوأذرفنا بعض الدموع على الذكريات والشهداء ،،
فمنهم من أخذته المنافي ، ومنهم من ضاع في الفلوات بين النواويس ورفحاء ، هناك في تلك الصحراء التي كان يختلط فيه الطعام مع الرمال ..
هؤلاء تمنع عنهم اليوم مؤسسة السجناء الراتب التقاعدي تحت ذريعة انكم دخلتم رفحاء يوم ١٢ / ٣ / ١٩٩١ وأن تعليماتها تقول من دخل في ١٤ / ٣ / ١٩٩١ فهو آمن ، ومن دخل بيت الاحزاب فهو آمن ، ولكنهم لايعترضون عن قطع رواتب الطلقاء الذين اصبح اولادهم امراء ووزراء ومشرعين .. ( إنه زمن التافهين والحمقى ) ..
سيذكر التاريخ بحزنٍ كبير إراقةٍ للدماء لم يسبق لها مثيل ، ومحارق وإبادات جماعية وجرائم ضد الانسانية أرتكبتها جموع من طغاة البعث ..
في مثل هذا اليوم من العام ١٩٩١ ثارت محافظات الجنوب والوسط وسطرت ملاحم التضحيات ضد اعتى دكتاتورية عرفها التاريخ وكانت الانتفاضة قاب قوسين أو أدنى من النصر لولا خيانة وغدر قوات التحالف الدولي وتآمر دول الخليج .
ارتكبت عصابات بعث الهدام ابشع الجرائم ،، فُقدت الحياة وشُتت العائلات وتبددت الآمال بوحشية بمذابح الواحدة تلو الاخرى ، وأُدخل جنوب الله ووسطه في دورة غير متناهية من العنف والهمجية .
الى فقراء وايتام وطني الكبير
..الى ابناء مدينتي في جنوب العراق التي ترزح تحت الفقر،،
الى ابناء قريتي التي لازالت تسكن في بيوت الطين منذ الاف السنين،،
الى الحي الذي يسكنه الفقراء في مدينتي الغافية على نهر الغراف في بيوت العشوائيات،، اولئك الذين لم يترفعوا ولم يستنكفوا من عوزهم بل يفخرون بانهم لم تمتد ايديهم الى اموال الحرام..
أن أوطان الطغاة لا تُعطي إلَّا القهر والكبتَ والذلَّ والفقر والحاجة فهي سجون وقبور، والانتماء إليها خيانة للإنسان بحدِّ ذاته…
وبعد ان قل الناصر ، وضاقت السُبل وأتعبنا التفكير ليس لنا إلا أن نذهب الى المقابر لكي نوقظ شهداءنا الأبرار وامواتنا الذين هم احياء عند ربهم يرزقون ان ينهضو لنصرتنا ويدعون عوائلهم وايتامهم وجياعهم للوقوف مع ضيمنا وجراحنا ، ونحن نعيش في صراع مع منظومة فاقدة إلى روح المسؤولية والحس الوطني وهي تستبيح كل الاعراف والقيم الانسانية والولاء للوطن..
أيها الاموات نحن بامس الحاجه إلى وقفتكم معنا بعد أن خذلنا الاحياء للحفاظ على المال العام من النهب والهدر بمسميات ما انزل الله بها من سلطان ،، نتكلم معكم لننقل معاناة جيل كامل يعيش حياة الزيف والخداع المتمثلة بالنياشين المزيفة والشعارات السياسية الزائفة ..
الف الف ومليون قبلة في جبين ثوار آذار شعبان العظيمة ، ولن ننسى التضحيات وسيبقى الجسر شاهداً على الفضائع ..


ــــــــــــــــــــ